في ظل التحديات المستمرة التي تواجه النظام التعليمي في العراق، أصدرت وزارة التربية قراراً جديداً بإعادة العمل بنظام الانتساب للعام الدراسي 2024-2025، بهدف دعم الطلبة وتخفيف الأعباء عن العائلات التي تعاني من أوضاع معيشية حرجة، وفقا لقولها.
القرار الذي يسمح للطلبة بالانتساب بدلاً من الالتزام بالحضور اليومي، أثار ردود فعل متباينة بين المختصين والأهالي، حيث وصفوه بأنه خطوة “ترقيعية”، تخفي مشكلة الاكتظاظ، ففي الوقت الذي تراه الوزارة “خطوة لدعم التعليم”، يعبر بعض المعلمين والنقابيين عن مخاوفهم من تأثيره السلبي على العملية التربوية.
وذكرت الوزارة في بيان اطلعت عليه “طريق الشعب”، ان “هيأة الرأي صوتت على إعادة العمل بنظام الانتساب للعام الدراسي ٢٠٢٤_٢٠٢٥ دعما للطلبة واسنادا للعوائل التي تعاني من الحالات الحرجة”، فيما حددت المديرية العامة التعليم العام والأهلي والاجنبي ضوابط التقديم مع استثناء تلاميذ الصفوف الأولية الثلاثة منه تلافيًا لفقدان مهارات التهجي والاملاء.
واكد البيان، ان “الانتساب لهذا العام لا يخضع لاي قيد او شرط عدا إلغاء المنحة المالية من الطلبة المنتسبين، كما سيؤدي التلاميذ والطلبة بالانتساب امتحان الفصل الأول امتحانا واحدا ونصف السنة والفصل الثاني امتحانا واحدا إضافة إلى امتحان نهاية العام لتقييم ادائهم العلمي”.
وحددت الوزارة، آخر موعد للتقديم هو يوم الخميس 2024/11/28.
استمراره غير مبرر
وأعربت عضو نقابة المعلمين ومديرة احدى المدارس الحكومية في محافظة النجف سهاد الخطيب، عن رفضها قرار الانتساب الدراسي الحالي. وقالت الخطيب لـ “طريق الشعب”، أن “الانتساب تم استحداثه في فترة جائحة كورونا كحل مؤقت ومبرر لبعض الظروف”، مردفة ان استمرار تطبيقه يؤثر سلبا على العملية التربوية.
حل ترقيعي
أحمد سعد، عضو اللجنة التنفيذية في اتحاد الطلبة العام، يرى أن “إعادة العمل بنظام الانتساب مع تعديل تعليماته ليصبح متاحًا بدون قيود أو شروط يُعتبر خطوة ترقيعية، تهدف إلى معالجة مشكلة الاكتظاظ التي فشلت الوزارة في إيجاد حلول فعّالة لها على مدى أعوام.
ويفسّر سعد هذا القرار بأنه سيكون بمثابة جرعة مقوية لظاهرة التدريس الخصوصي في المعاهد الاهلية، التي تستنزف جيوب الأهالي.
ويؤشر سعد خلال حديثه لـ “طريق الشعب”، أنه خلال السنوات الماضية كان هناك ارتفاع ملحوظ في معدلات الرسوب بين الطلبة المنتسبين مقارنة بالطلبة النظاميين.
ويطرح سعد تساؤلاً مهمًا حول ما إذا كانت الوزارة ستتخذ قرارات إضافية لمعالجة معدلات الرسوب المرتفعة على حساب جودة التعليم ومصداقيته؟
تمييز طبقي تعليمي
من جانبها، قالت رئيسة قسم المرأة في نقابة المعلمين/ فرع بغداد، حنان عبد النبي، إن هناك انعكاسا سلبيا لتأثير الانتساب والدروس الخصوصية على واقع التعليم، مبينة أن هذا القرار سيؤدي إلى انقسام الطلبة بين متمكنين مادياً يتجهون للانتساب والتعليم الخاص، وبين فقراء يرزحون تحت مشكلات المدارس الحكومية، ما يعزز التمييز الطبقي في قطاع التربية.
واكدت عبد النبي ما ذهب اليه سعد بأن القرار سيسهم في دعم القطاع الخاص على حساب الحكومي، مبدية امتعاضها من انتشار المدارس الأهلية.
خيار اجباري
وتقول والدة أحد الطلبة لمراسل “طريق الشعب”، أن “المدارس الحكومية تشهد ازدحامًا كبيرًا في الفصول الدراسية، وهو ما يجعل من الصعب على الطلبة استيعاب المواد الدراسية بشكل كافٍ”. هذا الأمر دفعها للتفكير في المعاهد الأهلية كبديل يمكن أن يوفر بيئة تعليمية أفضل لأبنائها. وتضيف، ان “الاتجاه نحو التعليم الأهلي أصبح خياراً اجبارياً لدى الكثير من الأهالي الذين يرون فيه فرصة لتحسين جودة التعليم لأبنائهم في ظل التحديات التي تواجه النظام التعليمي الحكومي”.