اخر الاخبار

في مناقشة العلاقة  بين الجندر و الجنس و الرغبة التي أجرتها جوديت بتلر في كتابها المثير (قلق الجندر  النسوية و تخريب الهوية) مع اقطاب النسوية الفرنسية، سيمون دو بوفوار، لوسي إريغاري، مونيك فيتيغ، أطلقت جملة  خطيرة  بخصوص التمايز بين الجندر و الجنس،: أنا أشعر إنني امراة من قبل إنني أنثى، او أنا أشعر إنني رجل من قبل إنني ذكر، لأن ارتباط  الجندر بالجنس لا يكشف في ساعة التقائهما  إلاعند الرغبة، فالرغبة هي  ميتافيزيقا الجوهر، و هي بالتأكيد  تلزم و تقتضي في إن المطالبة  في كلا الحالتين  ليست مجرد حشو، لهذا كان من الصعب  التوقف في هذا النقاش و الجدل عند حدود الرغبة، التي نمارسها في حياتنا السرية (خاصة لوكنا كتابأ أو كاتبات) و بما إن الرغبة هي الموجهة  للجندر باتجاه الجنس، الجندر في وعي مونياك فينيغ يكون انتماؤه للفلسفة انسب، لأن الانتماء لها يعني الانتماء إلى جهاز من المفاهيم البينة التي تمتلكها الفلسفة، و فيتيغ مؤمنة إن الحلول في فهم الموقف الإشكالي للجندر إزاء الجنس يجب ان يتم توضيحه غبر فلسفة الرغبة، مثلما يمكن  للجندر ان يدل على وحدة في التجربة  و الجنس و الجندر و الرغبة، لكن  فقط عندما  يمكن ان يفهم الجنس  بوجه ما في معنى إنه يستلزم الجندر  من حيث تقول بتلر، و لعل المناخ الذي  يدار فيه مثل هكذا نقاش من قبل جوديت بتلر هنا  في مدى تأثرها الزائد  بالمدرسة الفرنسية في النسوية، خاصة  بسيمون دي بوفوار في كتابها الرائد "الجنس الآخر".

ومن المعروف إنها أخذت شهادة  الدكتوراه من فرنسا عن الفيلسوف جاك دريدا،  كما نعلم إن النسوية الفرنسية قد اهتمت  بالجانب اللغوي و التحليل النفسي تحت إشراف جاك لاكان الذي  اعتبر ان اللاوعي  مبني كاللغة، و إن اللاوعي هو خطاب الآخر، و هاتان مقولتان اعتمد عليهما لاكان في بيان  ان تكون الذات خطاب مستحيل، لتبرز  على اثر ذلك نسويات  التحليل النفسي اللاكانية، من اشهرهن  جوليا كريستيفا، لوسي ارديغاري، و هيلين سسكو و كاترين كليمان  و قد قمن بانجاز صرح النسوية الفرنسية في ما يتعلق بانحيازهن لفكرة الذات من خلال الخطاب المعروف بمشروعهن في الكتابة الانثوية، و هو عبارة عن محاولة لغرض الكتابة التي تعمد على فعل التجسيد لموقع المرأة في الخطاب، و كان الهدف منه خلق التحدي لموضعة النساء في الثقافة المتمركزة حول الكالوس، و يمكن ان تقع الكاتبة احلام مستغانمي  الجزائرية التي تتقن اللغة الفرنسية، كما يبدولي مثل سائر البلدان التي خضعت للاستعمار الفرنسي ردحا من الزمن لا بأس به، و عاشت في فرنسا، و نالت الدكتواره من إحدى جامعاتها، وإن النسوية الفرنسية اللاكانية قد غالت في تمييز اللغة في الكتابة الابداعية، كان من الباحثين في السرديات الانتباه نحو النجاح  الباهر لمستغانمي في هذا الحقل الأدبي، خاصة ان النسوية  الفرنسية جوليا  كريستيفا  قد اطلقت  جملتها  الشهيرة بصدد تحديرها من ما عرف  بحبائل اللغة بالنسبة للنساء  من إن أخطر اعدائهن هي اللغة، مما يعني إن اللغة التي هي  وسيلة من وسائل الرجل، و تمثل هويته هي قادرة في جعل النساء تابعات للرجال  في  التعبير و اللسان، و إن انحياز النساء نحو الجسد تخلصاً من سلطة الرجل، و ابتكار لغة للجسد تحاكي فيها لغة الرجل لا يمكنها التحقق إلا في مجال الكتابة ( الكتابة و الاختلاف جاك دريدا)باعتبار الكتابة لا تمثل هوية ما، لأنها تقوم على الاختلاف، و ربما كانت زليخة ابو ريشة في كتابها ( اللغة الغائبة  نحو لغة غير  جنسوية  زليخة ابو ريشة ) قد قطعت الشك باليقين حول اللغة الغائبة، في تحديد ظاهرة التأنيث في النحو العربي، فذهبت إلى إن اكبر ما تعانيه النساء في اللغة إن تقف إلى جوار الرجل في بنيتها المعجمية و النحوية و الثقافية، و إن  حدود ترك المرأة فيها يبدو ضئيلا في مقدار ظاهرة التأنيث  في النحو، فهي متلهفة لصنع لغة غير جنسوية  لا تعني سوى في تعزيز ذاتها، إضافة لما في جسدها  من إمكانيات إيحائية، و هذا الشعور الدوني باحتكار الرجل للغة افشلت كل مساعي النساء في إيجاد لغة خاصة بهن، كذلك كانت جهود عبد الله الغذامي في هذا المجال  واضحة، في التأثر بالمدرسة الفرنسية اللاكانية  في كتابه (ثقافة الوهم/ مقاربات حول المرأة و الجسد و اللغة  لعبد الله الغذامي) في التراث العربي الإسلامي  القديم  المتعلق بالمرأة و جسدها و لغتها، و أصبحت المرأة الكاتبة العربية بين نارين، نار اللغة الذكورية  المتسلطة التي تمثل المركزية القضيبية  و صراعها الانثوي لخلق  فرصة لذاتها الراهنة  في جنسانية مثلية، و نار التأثر بثقافة الغرب التي تفضل الكتابة الإبداعية، كي تثبت للرجل استقلاليتها، و برزموقف الكتابة  لدى النساء  العربيات في  الوقوع في دائرة  تقليد الغرب، مع مراعاة في الإختلاف  الجنسي مع  سلطة الرجل (الإختلاف الجنسي  و السلطة  سعادحميد ذياب) لتظل  اللغة المذكرة تحملها الكاتبة  في إعلان سافر على الخضوع المزعج للرجل، و بما إن أحلام مستغانمي  من أبرز، و أنجح الروائيات  العربيات  اليوم، فقد تعرضت لسلسلة من الانتقادات  و مشكلات في مسيرتها الكتابية، فأثار السخط و التجريح و التشكيك منذ باكورة اعمالها الروائية، تلخصت في اللغة المذكرة التي تستعملها  في رواياتها  من ذاكرة  الجسد( محل مثار الجدل في التأثر العلني  في (لغة الذكر  في رواية الانثى) مروراً بالمعارك التي دارت حول الشكوك غير المفندة بالضبط حول انتحال او تأثر الخ احلام مستغاني بآخرين رجال، و لعل روايتي عابر سرير و فوضى الحواس يمكنهما تلبية طلبنا في قراءة سريعة حول هذه النقطة ،مع إن زليخة ابو ريشة  تقفز  في كتابها (أنثى اللغة زليخة ابو ريشة)مقالاتبها التي أضاءت  جوانب مهمة من اكبر المصاعب في كتابة النساء الثقافية

(في الروائية بالذات) و اشعلت نار الفتنة في موقد الكتابة النسائية  التي ما برحت تتهم بصيغتها اللاشرعية بخطاب الذكر من ناحية محرجة للمرأة الكاتبة، تتلخص في وجود لغة الذكر  في رواية انثى   بينة و اضحة كقرينة دامغة على عدم امكانية الانفلات من  براثن الرجل، التي طرحتها جوديت بتلر في كتابها حول التعريف المرتبك لمصطلح (الجندر) وفي ما إن كانت الفكرة حول العلاقة بين الجندر و الجنس و الرغبة هي التي تحل إشكالية الذات  في ميتافيزيقا الجوهر، روايات  احلام مستغانمي و إن وجهت طعنات متعددة نحو بنيات لغتها الذكورية (انثى اللغة احيل هنا قليلا) في اتهامها بعدم قدرتها  على إظهار ذاتها المستقلة ككاتبة لها سلطة على ما تكتب، فيمكن نبرير ذلك في اختفاء الذات عن نفسها، و لو بصورة رجل  قائمة في دلالة التماهي مع السلوك اللاواعي  في بنية اللغة التي هي في الأصل ذكورية صرفة (خاصة اللغة العربية التي لا تقبل التسامح الانثوي لشرائط اشتغالها) وفق تعبير جاك لاكان  طالما اعتقد لاكان ان اللغة هي خطاب الآخر، و التأثر النفسي بالنسبة لاحلام مستغانمي يمكن تلمسه مليا.