في باكورة نشاطاتها، ضيّفت منصة "مداد السرد"، إحدى تشكيلات منظمة "بغداد مدينة الإبداع الأدبي – اليونسكو"، القاص والناقد حسب الله يحيى، في جلسة عنوانها "الحب يسارا – رحلة في السرد والثقافة".
الجلسة التي التأمت في "بيت الحكمة" وسط بغداد، حضرها جمهور من الأكاديميين والمثقفين والمهتمين في الشأن الأدبي والثقافي. وأدارها مدير المنصة د. سعدي عوض. وقد استبقها بنبذة عن سيرتي الضيف الذاتية والإبداعية.
في معرض حديثه، وخلافا للمألوف، تجنب الضيف الحديث عن حياته الشخصية، مفضلا استثمار وقت الجلسة في الحديث عن تجاربه في مجالات الصحافة والسرد والنقد المسرحي، فضلا عن الهم الثقافي في العراق بعامة.
وقال انه بسبب الظروف المعيشية والسياسية القاهرة، لم يتسن له إكمال دراسته الأكاديمية. إذ لجأ إلى التثقيف الذاتي عبر المطالعة الهادفة للكتب والدراسات، في الأدب والفن والفكر والعلوم الإنسانية، منوّها إلى انه من خلال قراءاته المكثفة، بات يمتلك أدوات نقدية تساعده على فرز المحتوى الجيد من الرديء، ما دعا كثيرين من هواة المطالعة إلى استشارته في ما يقرأون، والمترجمين في ما يترجمون.
وتابع قوله أن علاقته بالكتاب علاقة صداقة حميمة، وانه بفعل خبرته في القراءة النوعية وسعيه إلى إشاعتها، توجه إلى كتابة زاوية أسبوعية في صحف بغدادية مختلفة، تحت عنوان "دليل القارئ للكتابة الرديئة".
وعن تجربتيه في مجالي الصحافة والنقد، ذكر الضيف ان الصحافة هي التي دفعته نحو المطالعة المتجددة، ومتابعة ما يصدر من كتابات وترجمات حديثة. فيما لفت إلى انه حاول في ميدان عمله النقدي، إلى التنقيب عن رؤية نقدية متولّدة من النتاج المحلي، على عكس ما متداول بكثرة في المشهد النقدي العراقي، من حيث الاعتماد على نظريات نقدية وليدة بيئات مغايرة، وتطبيقها على نتاجات محلية، أمثال نظريات ميشيل فوكو وغاستون باشلار وآرثر إيزابرجر.
ودعا الضيف إلى سن أدوات نقدية من النتاجات المحلية، بما يُعبر عن مخيال المؤلف المحلي، النابع من بيئته الثقافية.
ثم تحدث عن عمله في مجال النقد المسرحي، مبينا أنه على مدى 30 عاما، كان يتابع كُل ما يُعرض من أعمال مسرحية في بغداد وبقية المحافظات، ويكتب عنه في الصحف والمجلات، ما عرّضه إلى مشكلات كثيرة مع السلطة من جانب، ومع مسرحيين من جانب آخر.
وأوضح أنه لا يُجامل في إبداء وجهات نظره النقدية في ما يتابعه من أعمال، حرصا منه على تقويم المشهد المسرحي.
هذا وتحدث الضيف عن قصته المعنونة "الحب يسارا" التي نُشرت إبان السبعينيات في مجلة "الثقافة"، التي كان يرأس تحريرها د. صلاح خالص.
وقال أن القصة في إطارها العام عاطفية، لكنها تحمل في رمزيتها أبعادا سياسية تقدمية، مبينا أن قصته أثارت في وقتها جدلا ونقاشات في الأوساط الثقافية، واستياء من قبل السلطة الدكتاتورية، على اعتبار أن العنوان يشير إلى قوى اليسار.
وختم الضيف حديثه منوّها إلى انه بصدد إعادة طباعة مجموعته القصصية الموسومة "أصابع الأوجاع العراقية"، عادّا إياها ختام رحلته الأدبية.
وفي الختام، قدم عدد من الحاضرين مداخلات عن تجربة الضيف. فيما سُلمت له شهادة تقدير باسم منظمة اليونسكو.