شهد منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، أخيرا، جلسة حوارية بعنوان "حزب العمال الكردستاني يطوي صفحة الحرب - قراءة في الدوافع والنتائج"، قدم فيها الباحث محمد أرسلان عرضا تحليليا معمقا لخلفيات التحول في موقف الحزب من العمل المسلح إلى النضال السياسي السلمي.
الجلسة التي التأمت على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، حضرها سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، وجمع من المثقفين والمهتمين بالقضايا السياسية. بينما أدارتها السيدة إخلاص حميد، واستهلتها بالحديث عن أهمية مناقشة التحولات العميقة في الحركات السياسية، لا سيما ذات الامتداد التاريخي، مثل حزب العمال الكردستاني.
وفي مفتتح حديثه، استعرض الباحث أرسلان أبرز المراحل التاريخية لتطور الحزب، متوقفًا عند مؤتمراته الحاسمة، وما صدر عنها من قرارات سياسية وتنظيمية مهمة.
وأشار إلى أن التحول في موقف الحزب من الكفاح المسلح إلى التسوية السياسية "جاء في سياق فكري مهّد له عبد الله أوجلان، قائد الحزب، الذي دعا إلى تبني مفهوم المجتمع الديمقراطي التعددي، كبديل عن الطروحات القومية الصدامية، مؤمنًا بإمكانية بناء نموذج سياسي يحتضن مختلف القوميات والأديان في المنطقة".
وأوضح أن هذا "التحول هو نتاج تفاعل مع السياقين الإقليمي والدولي. حيث تتعالى الأصوات الداعية إلى حل سلمي شامل تُشارك فيه جميع القوى التركية، وعلى رأسها البرلمان، بما يكفل شرعية الاتفاق واستدامته"، لافتا إلى ان "هذا الخيار لم يكن وليد لحظة انفعال أو ضغط خارجي، بل هو نتاج مراجعة داخلية عميقة، وتراكم نظري وفكري طويل أسس له أوجلان".
ونوّه إلى أن "قوة أي تحول لا تكمن فقط في تجاوز السلاح، بل في قدرة المشروع السياسي الجديد على تجسيد مطالب المجتمع وتحقيق العدالة التاريخية في إطار ديمقراطي".
وتخلل الجلسة نقاش مفتوح ساهم فيه عديد من الحاضرين، بين من رأى ان التحول في موقف حزب العمال الكردستاني مؤشر على تطور ناضج في فكره وأدائه، وخطوة مهمة نحو العمل السياسي السلمي، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية والحقوقية للأكراد داخل تركيا، ومن اعتبر ان الظروف الحالية لا توفر ضمانات كافية لنجاح هذا التحول، في ظل استمرار السياسات القمعية والتمييزية من جانب الدولة التركية.
وفي الختام، قدم الرفيق رائد فهمي شهادة تقدير باسم المنتدى إلى الباحث محمد ارسلان.