ولد كامل بطرس رفو قزانجي في مدينة الموصل في عام 1907، وأستشهد فيها في عام 1959. وأنهى دراسته في الجامعة الامريكية عام 1930. ودرس القانون في بغداد وتخرج عام 1947، وهو محام وكاتب ومترجم وناشط سياسي.
يعد المحامي الشهيد كامل قزانجي شخصية وطنية استثنائية في تاريخنا المعاصر. لقد خلف قزانجي تاريخا لا يمكن إغفاله، على الرغم من عدم الاهتمام الكافي بسيرته، فحتى كبار المؤرخين من أبناء مدينته المناضلة (الموصل) لم يكتبوا عنه ولم يذكروه.
كامل قزانجي من أبناء مدينة الموصل الحدباء ومن أهم رجالها المناضلين من أجل العراق الحر والشعب السعيد، كان سفير العراق في الهند، وغادر منصبه الحكومي، لينتقل إلى صفوف الشعب، مدافعا عنه ومساهما في بناء الوطن. وكان قزانجي أحد مؤسسي لجنة للدفاع عن المعتقلين السياسيين، الذين لا يستطيعون تغطية تكاليف محامي الدفاع، شاركه في ذلك عدد من المحامين من بينهم المحامي المعروف الشهيد توفيق منير. لقد أدت به هذه المساهمات إلى سجن نقرة السلمان. وهناك زاره اعتزازا بدوره في الدفاع عن حقوق الانسان النائب في البرلمان البريطاني” بالم دات “.
بعدا انتهاء سنوات السجن، وفي عام 1954، نفي إلى مدينة بدرة، التي كانت من أشهر منافي سجناء الراي في العهد الملكي. شاركه منفاه العديد من الشخصيات المعروفة حينها من بينهم، المحامي الشهيد رحيم شريف شقيق الشخصية الوطنية المعروفة، وعضو مجلس السلم العالمي عزيز شريف، وشهاب أحمد التميمي الذي انتخب نقيبا للصحفيين بعد عام 2003.
كان قزانجي رجل قانون قولا وممارسة، فعندما انتهت مدة نفيه، ناقش ذلك مع معاون شرطة قضاء بدرة، ودعاه إلى الالتزام بتطبيق القانون، ومنحُه حريته. ثم ذهب إلى مرآب سيارات الكوت واستقل أمام أنظار الشرطة، الباص. وعندما تحرك الباص أوقفته الشرطة، وقدم للمحكمة فحكم عليه ثلاثة أشهر، لمحاولته الهروب من المنفى. في حين نجح زميله المحامي رحيم شريف في وقت سابق الإفلات من قبضة الشرطة.
نقل القزانجي إلى سجن الكوت، بعد أن تحول السجن، إلى سجن للسجناء العاديين، إثر مجزرة سجن الكوت الشهيرة التي اقترفها مدير السجون العام طاهر محمد الزبيدي آنذاك. وأمضى ثلاثة أشهر في زنزانة انفرادية في سور السجن، حتى لا يختلط بالسجناء العاديين وهو ما كان يخشاه حكام ذلك الزمان.
وبعد صدور قانون إسقاط الجنسية العراقية في عهد وزارة نوري السعيد ودخول العراق حلف بغداد الذي ضم إلى جانبه إيران، باكستان، وتركيا إضافة إلى بريطانيا والولايات المتحدة، وبموجب ذلك القانون، سيء الصيت، قامت الحكومة بنفي قزانجي وزميله المحامي المعروف " توفيق منير " إلى تركيا ٠ وقد أخذ معه حفنة من تراب الوطن المقدس لديه، واحتفظ به إلى أن عاد إلى بلاده، بعد انتصار ثورة ١٤ تموز عام ١٩٥٨ وسقوط حلف. لقد كان واثقا من عودته وانتصار قضيته.
كان قزانجي أول شهداء مدينة الموصل، على إثر أحداث مؤامرة الشواف في عام 1959، وانضم إلى قافلة شهداء الوطن، التي أنارت وتنير طريق المناضلين من أجل غد أفضل، لقد رحل قزانجي، ومازال الشعب العراقي ينزف دما على أيدي جلادي الأمس وامتداداتهم، مضاف لهم منظمات القتل والارهاب مثل داعش وأخواتها.
لابد من دعوة كل من عرف قزانجي ورافقه للكتابة عنه وعن رفاقه وأبناء جيله، لاعتقادي بنسيان الموصل لابنها البار، فلم ينل من اهتمام مؤرخي المدينة ما يستحق، وبالتالي لم يتسن لأفراد عائلته التعرف على سيرته. وعانى من إهمال المتعاقبين على السلطة في العراق، بسبب عداء مخفي ومعلن لتوجهات الشهيد الفكرية. ولم يعترف النظام السياسي في العراق بعد نيسان 2003، بحقوقه وفقا للقوانين النافذة، ولو قدر له ان يكون بيننا لرفض أي تعويض او امتياز، هذا ما فعله مناضلو العراق بعد انتصار ثورة 14 تموز المجيدة، لقناعتهم بأن نضالهم كان خدمة للشعب والوطن، وان انتصار الثورة حينها كان التعويض الأفضل لنضالهم..
لكامل قزانجي وجميع شهداء الوطن المجد والخلود، واتمنى أن تطلع الأجيال الشابة في العراق، على ماضي بلادهم القريب، وان يهتموا برموز عملت واستشهدت من أجل عراف جديد سعيد.