شيّعت أوساط ثقافية ورسمية وشعبية، صباح أول أمس الجمعة، جثمان الشاعر الكبير موفق محمد في مدينته الحلة، على وقع الموسيقى الجنائزية للجوق الموسيقي التابع إلى قيادة شرطة بابل، وبمشاركة وفد من قيادة الحزب الشيوعي العراقي وجموع من الشيوعيين.
وتوفي الراحل ظهر الخميس عن عمر ناهز 77 عامًا، بعد صراع مع أزمة صحية حاصرته خلال الأسابيع الأخيرة. حيث دخل المستشفى قبل نحو شهر، وخضع لعلاج مكثف، إلا أن محاولات الأطباء لم تسعفه، ليرحل تاركا إرثا شعريا عميقا غزيرا معبرا عن أوجاع الشعب وهمومه.
وانضم إلى المشيعين حشد كبير من أبناء مدينة الحلة وبغداد ومدن أخرى، تعبيرا عن حبهم لـ"شاعر الوجع العراقي".. ذلك اللقب الذي أطلقه عليه محبوه لما تحمله قصائده من آلام وطنية وهموم إنسانية بقيت صورها راسخة في الذاكرة الشعبية.
وانطلق التشييع من أمام منزله وسط الحلة. حيث لُف نعشه بالعلم العراقي، وسط أجواء مهيبة سادها الحزن، وعبارات وداع امتزجت بالدموع والقصائد، ليودع جثمانه نهاية في "مقبرة وادي السلام" في النجف. ونعى المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، الفقيد "الشخصية الثقافية الوطنية الشامخة، ابن الحلة والعراق الوفي، الشاعر الشيوعي المبدع المتفرد موفق محمد".
وجاء في نص النعي: "برحيله المفجع والموجع اليوم خسرنا رفيقا أمينا مخلصا، وإنسانا نادر المثال قلبا وعقلا، إنسانا بقي أبدا يفخر بانتمائه إلى عالم الفقراء والكادحين (...) لقد فقدنا اليوم في موفق محمد شاعرا مقاتلا بحق، مناضلا جسورا كرّس نفسه ومواهبه للدفاع عن الناس المحرومين المهانين".
وكان الاتحاد العام للأدباء والكتّاب قد نعى الفقيد في بيان رسمي، أكد فيه أن "موفق محمد كان رائدًا من روّاد كتابة الحزن العراقي، وواحدًا من الأصوات التي جسّدت واقع الوطن بكل صدق ومرارة"، مضيفا أن "الراحل مثّل الجسر الذي ربط بين حاجة المجتمع للأدب، وبين هموم الفقراء والمهمّشين، فكان صوتهم ولسان حالهم في مواجهة القهر والتجاهل".
وبُعيد رحيل الشاعر، تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى فضاء حزنٍ شاسع. إذ لم تكاد تخلو صفحة من نعي او شهادة بحقه او تأبين له، فضلا عن صور تذكارية معه، ما يدلل على عمق محبة الناس له، ويُثبت في المقابل سخطهم على السلطات الظالمة الفاسدة، التي كان الفقيد من أشد منتقديها وكاشفي قبحها في شعره.
هذا وأقيم في مدينة الحلة أمس السبت (ويقام اليوم الاحد أيضاً) مجلس عزاء للشاعر الكبير الراحل، حضره وفد من قيادة الحزب الشيوعي العراقي يتقدمه سكرتيره الرفيق رائد فهمي.