اخر الاخبار

أقام المجلس العراقي للسلم والتضامن أخيرا، ندوة فكرية حملت عنوان "الديمقراطية ومستقبلها في العراق"، وذلك على قاعة الديوان في نادي العلوية ببغداد، بحضور نخبة من الشخصيات السياسية والثقافية ووفد من قيادة الحزب الشيوعي العراقي. واستضافت الندوة السياسي والمفكر ملا بختيار، فيما أدارها الدكتور علي الرفيعي، عضو المجلس والأمين العام لحزب التيار الاجتماعي الديمقراطي.

الديمقراطية ليست الانتخابات فقط

واستهل الرفيعي حديثه بمقولة مأثورة: "لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين"، مشيراً إلى أن ما تفتقده القيادات السياسية التي تسلّمت السلطة بعد عام 2003 هو الإيمان الحقيقي بهذا المفهوم.

وبيّن أن الانتخابات لا يمكن أن تكون المعيار الوحيد لقياس ديمقراطية النظام، فالديمقراطية تعني أيضاً حرية التعبير عن الرأي، وضمان الحق في الحصول على المعلومة، وحماية الأقليات الدينية والعرقية، إلى جانب تحقيق العدالة الاجتماعية.

وأشار الرفيعي إلى أن وجود أحزاب وجماعات مسلحة خارج إطار الدولة، فضلاً عن استغلال المال العام للتأثير على الناخبين، وهو ما يظهر بوضوح في الحملات الانتخابية الانتخابات يضعف الشرعية الكاملة للعملية. كما انتقد أداء مجلس النواب الذي "ابتعد في كل دورة انتخابية عن الممارسة الديمقراطية السليمة"، لافتاً إلى أن الدورة الحالية شهدت تمرير قوانين بآلية "السلة الواحدة"، وأخرى ذات صبغة طائفية جاءت كثمن لتسويات بين الكتل المختلفة.

نبذة عن ملا بختيار

وفي تقديمه للضيف، استعرض الرفيعي السيرة النضالية والسياسية لملا بختيار، مشيراً إلى بداياته في الحركة السياسية اليسارية ومشاركته الفاعلة في نضال القضية الكردية، ثم تدرجه في المناصب القيادية، وصولاً إلى عضوية الهيئة العامة للاتحاد الوطني الكردستاني. كما أشار إلى نشاطه الثقافي والإعلامي، حيث أصدر العديد من الصحف والمجلات المتخصصة، أبرزها جريدة "چاودير" ومجلة "المدنية في الشرق الأوسط"، فضلاً عن مؤلفاته التي بلغت 35 كتاباً، بينها "ثورة كردستان ومتغيرات العصر" الذي طبع باللغة العربية في العراق ولبنان ومصر.

ملا بختيار: الديمقراطية مشروع ناقص في العراق

في مداخلته، تطرق ملا بختيار إلى المتغيرات العلمية والتكنولوجية التي يشهدها العالم، وما فرضته من تحديات على الفكر السياسي والاقتصادي، خصوصاً مع صعود مفهوم "العولمة". وأوضح أن الديمقراطية لا تكتفي بالبعد الداخلي في كل بلد، بل تحتاج إلى تعزيز التعاون والتقارب بين القوى الديمقراطية في أوروبا والعالم، بما ينسجم مع التطورات العالمية في الفكر والمنهج السياسي.

وبشأن التجربة العراقية بعد 2003، اعتبر بختيار أنها ما تزال "مشروعاً بين الواقع والطموح". وأكد أن دستور 2005 تضمن نصوصاً وآليات مهمة لبناء دولة ديمقراطية، لكن الطائفية والفساد سرعان ما أعاقا تطبيقه، مما أضعف ثقة المواطنين بالمؤسسات.

الديمقراطية خيار لا بديل عنه

ورغم التحديات، شدد بختيار على أن الديمقراطية تبقى الخيار الوحيد لبناء دولة مدنية عادلة تقوم على مبدأ المواطنة وسيادة القانون. لكنه ربط مستقبلها في العراق بضرورة إصلاح النظام الانتخابي، وتعزيز المشاركة الشعبية، وإعلاء قيم الحوار والشفافية، مؤكداً أن ذلك وحده كفيل بتحقيق تحول ديمقراطي حقيقي يلبّي تطلعات العراقيين.