اخر الاخبار

الصفحة الأولى

مطالبات بوقفة جدية ودرء الاستيلاء عليها التجاوز على عقارات الدولة في تزايد والقانون لا يردع والمتنفذون يتمددون

بغداد – طريق الشعب

تعرضت عشرات آلاف الأراضي والعقارات في العراق، بفعل التلاعب والتزوير والاحتيال، الى عمليات استيلاء غير شرعية، من قبل عصابات سرقة العقارات العامة والخاصة، تارة بالتنسيق مع موظفين في دوائر التسجيل العقاري، وأخرى تحت تهديد السلاح المنفلت.

وشهدت العاصمة بغداد وغالبية المحافظات، خلال العقدين الأخيرين، عمليات استيلاء واسعة على عقارات الدولة، والمواطنين لاسيما المغتربين.

وأعربت النائبة سروة عبد الواحد، رئيس كتلة الجيل الجديد في مجلس النواب، وعضو لجنة النزاهة النيابية، عن استيائها بشأن وضع العقارات الحكومية منذ عام 2003 وحتى الآن، مشيرة إلى أن هذه العقارات أصبحت عرضة لاستغلال أصحاب النفوذ والسلطة.

وتطرقت عبد الواحد خلال حديثها لـ "طريق الشعب"، إلى مسألة القصور الرئاسية، سواء في البصرة أو الموصل، التي تم استغلالها مؤخراً تحت مسمى "الاستثمار"، متسائلة عن ماهية هذا الاستثمار وما إذا كانت هذه القصور، ستتحول إلى ملكية خاصة للمستثمرين أو ستظل أملاكاً للدولة.

وأكدت أن "لجنة النزاهة وجهت هذه التساؤلات إلى هيئة الاستثمار، والآن نحن بانتظار الرد". وفيما يتعلق بالقصور في الموصل، ذكرت أن "المحافظة قد أرسلت مخططات لاستثمار هذه القصور، إلا أن هيئة الاستثمار طلبت توضيحات إضافية، لأن المخططات المقدمة لم تكن واضحة".

وأصدرت هيئة النزاهة الاتحادية عام 2022 إحصائية تضمنت رصدها 31378 عقارا تابعا للدولة، مستولى أو متجاوزا عليها في عموم المحافظات، باستثناء التابعة لإقليم كردستان. وقد كانت لنينوى الحصة الكبرى منها بـ8585 عقارا، لم يسترجع منها سوى 35 عقارا فقط.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد ألغت عام 2021، أحد النصوص القانونية، التي استغلتها الأحزاب المتنفذة، لابتلاع آلاف الأراضي والعقارات الحكومية، وسط تغاضي الحكومات المتعاقبة عن إعادة الأملاك إلى أصحابها، وسحب أملاك الدولة من الجهات المسيطرة عليها.

وينص القانون المعدل على منح البلدية المختصة صلاحية بيع الأراضي المخصصة للإسكان ببدل حقيقي وحسب الأسعار السائدة لمثيلاتها، بعد موافقة وزير البلديات والأشغال العامة وأمانة بغداد.

وأقرت وزارة العدل وجود عمليات تزوير وتلاعب تسببت بنقل ملكية الكثير من العقارات بطرق غير مشروعة، وتعهدت بمراجعة وتدقيق ملفات تلك الأملاك، والعمل على الحد من التجاوزات.

فساد العقارات في تزايد؟

وكان النائب ياسر الحسيني، وصف في حديث له، الفساد في ملف عقارات الدولة بـ"الكبير والخطر"، مشيرا الى ان هناك "جهات متنفذة متورطة بهذا الفساد".

وأضاف، أنه "طيلة السنوات الماضية لم نر أي فتح لملف عقارات الدولة لوجود تغطية سياسية لهذا الفساد، والذي زاد مؤخرا وسط صمت حكومي وسط تفرج الجهات الرقابية المختصة ".

وأضاف، أن "القصور وغيرها من عقارات الدولة ممكن ان تقدم كفرص استثمارية حقيقية، بدل الاستحواذ عليها من قبل المتنفذين، وهذا الملف الخطر ستكون لنا وقفة جادة بشأنه، داخل البرلمان قريباً".

مشاريع في خدمة المترفين

الاكاديمي والمحلل السياسي علاء مصطفى، قال إن أزمة التطاول على العقارات لم تعد مقتصرة على أملاك الدولة فحسب، بل امتدت أيضًا لتشمل عقارات المواطنين، في ظل تراجع واضح لفرض هيبة القانون، وانفاذه على الجميع.

وأضاف مصطفى، أنّ "المشاريع الاستثمارية، التي تشهد توسعًا كبيرًا في البلاد، تتركز بشكل رئيس في القطاعين التجاري والسكني الموجه للفئات المترفة، ما يجعل الادعاء بأنها تحل أزمة السكن غير دقيق".

وأوضح مصطفى لـ "طريق الشعب"، أن هذه المشاريع تقام على أراضٍ مميزة تعود ملكيتها للدولة، وتباع فيها الشقق بأسعار باهظة تصل إلى 250 ألف دولار للشقة الواحدة، أي ما يعادل 375 مليون دينار عراقي وفقًا لسعر السوق الموازي.

وتابع، انه "لا يوجد موظف قادر على شراء عقار بهذه الأسعار، خاصة وأن قروض المصارف لا تتجاوز 150 مليون دينار، وتحمل فوائد مرتفعة جدًا، ما يجعل من الصعب على المواطنين العاديين الاستفادة من هذه المشاريع".

وأكد أن "العديد من المستثمرين الذين حصلوا على هذه العقارات تربطهم علاقات سياسية مع أطراف نافذة في الحكومة الحالية، وبعضهم قد يخوض الانتخابات المقبلة بالتحالف مع هذه الأطراف". كما شدد على أن "هذه القضية لا تقتصر على مكون معين، بل تشمل أطرافًا سياسية من مختلف المكونات ".

ودعا مصطفى مجلس النواب إلى فتح هذا الملف بشكل جدي، خاصة في ما يتعلق بالاستثمار والاستثناءات الممنوحة لبعض المستثمرين الذين حصلوا على أراضٍ مميزة في قلب بغداد، بما في ذلك المنطقة الخضراء.

وطالب بمعرفة الفائدة التي تجنيها الدولة من هذه العقود، مؤكدًا أن هذه المشاريع التجارية والسكنية تحقق أرباحًا طائلة للمستثمرين، دون أن تقدم حلولًا حقيقية لمشكلة السكن.

وختم مصطفى حديثه بالدعوة إلى ضرورة مساءلة هيئة الاستثمار، والتأكد من أن الدولة تحصل على حقوقها من هذه العقود المبرمة، لضمان عدم استفادة فئة معينة على حساب المصلحة العامة.

**********************************************

راصد الطريق.. حماية اجتماعية أم إدامة لمعاناة المحتاجين؟

أعلنت هيئة النزاهة أمس عن رصد 250 ألف تجاوز من موظفي الوزارات وافراد عوائلهم على نظام الحماية الاجتماعية. وذكرت ايضا رصدها حالات ابتزاز لمواطنين مقابل وعود بشمولهم بالحماية الاجتماعية.

هذه التصريحات تبين بكل وضوح أن قبول طلبات الشمول بالإعانات الاجتماعية تشوبه خروقات كثيرة، وهو ما كنا أشّرناه في مناسبات سابقة. حيث سلطنا الضوء مرارًا على منح الإعانات لغير مستحقيها، نتيجة قبول وزارة العمل والشؤون الاجتماعية طلبات قدمت اليها عبر مكاتب النواب والأحزاب المتنفذة وشيوخ العشائر. كما أن الكشف الميداني من قبل المختصين بالوزارة كان يجري غالبا داخل مقرات الأحزاب ومكاتب النواب ودواوين شيوخ العشائر، وهو ما تم استغلاله كثيرا في الانتخابات المحلية.

فليس سرا أن الأموال المخصصة للإعانات الاجتماعية لا تصل عموما إلى مستحقيها، بل توزع بشكل غير عادل. فالكثير من المتقدمين متمكنون ماديًا ويزاحمون الفقراء على هذا الدعم المحدود.

إن إيصال الإعانات إلى مستحقيها يتطلب جهدًا كبيرًا وقاعدة بيانات دقيقة، يمكن من خلالها تحديد المحتاجين الحقيقيين. أما الطريقة المتبعة حاليا فتبدد الأموال، وتُبقي الكثير من المحتاجين محتاجين، عاكسة شكلاً آخر للفساد، والتوظيف للدعاية السياسية والانتخابية.

********************************************

نــداء عاجـــل

نتابع ببالغ القلق التطورات في المنطقة والعدوان الصهيوني المستمر على الشعبين الشقيقين الفلسطيني واللبناني.

واستجابة الى نداء القوى الوطنية اللبنانية، ومنها الحزب الشيوعي اللبناني، وللتخفيف من معاناة الشعب اللبناني ودعم صموده في مواجهة العدوان الإسرائيلي الغادر، نطلق حملة عاجلة لجمع التبرعات وتأمين الدعم المالي للشعب اللبناني الشقيق، الذي هو في أمس الحاجة إليه الاّن.

اننا على ثقة من ان جماهير شعبنا، ورفاق الحزب وأصدقاءه ومؤيديه، سيولون أكبر الاهتمام لهذه الحملة ويشاركون فيها ويتبرعون بسخاء.

ملاحظة:

1 - يمكن تسليم التبرعات والدعم المالي الى مقرات الحزب الشيوعي العراقي في بغداد والمدن والمحافظات.

2 - للاستفسار عن الحملة يمكن الاتصال بالرقم: 07700764735

اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

25/9/2024

*************************************************

موظفو "الحفر" يحتجون على محاولات تحويل شركتهم الى خاسرة

بغداد ـ طريق الشعب

شهدت عدة محافظات عراقية، موجة من التظاهرات الاحتجاجية التي نظمتها مجموعات مختلفة من المواطنين، مطالبين بحقوقهم المشروعة وتحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية.

***********************************************

الصفحة الثانية

لجنة نيابية: تخصيصات الصحة لا تكفي للعلاج

بغداد ـ طريق الشعب

كشف رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي عن عدد أنواع الأدوية التي توفرها وزارة الصحة العراقية.

وقال شنكالي، ان “وزارة الصحة توفر ما يقارب 655 نوع دواء فقط وفق القائمة الرئيسية والتي تبلغ نسبتها 97% وأما النسبة المتبقية من الادوية هي الانواع التي توقفت الشركات المنتجة عن صناعتها بسبب عدم الجدوى الاقتصادية للدواء”، مشيرا إلى أن “شركة تسويق الادوية والمستلزمات الطبية (كيماديا) اتجهت من خلال اللقاءات مع لجنة الصحة والبيئة النيابية ووزارة الصحة لغرض توفير الادوية التي توقف انتاجها”.

واضاف أن “التخصيص المالي لوزارة الصحة يبلغ تريليوناً واحدا و651 مليار دينار، وهذا الادوية والخدمات الصحية تقدم لأكثر من 40 مليون مواطن، وهذا التخصيص يعد قليلا جدا”.

ونوه إلى ان “بعض الأدوية السرطانية تبلغ تكلفة الجرعة الواحدة 3 الاف دولار، وان هذه المبلغ المخصص لجميع الادوية من ضمنها حصة إقليم كردستان والتي تبلغ ما يقارب 225 مليار دينار من اصل تريليون و651 مليار دينار”.

**************************************************

موظفو «الحفر» يحتجون على محاولات تحويل شركتهم الى خاسرة  معلمو السليمانية يهددون بإغلاق المدارس مع بداية العام الدراسي الجديد

بغداد ـ طريق الشعب

شهدت عدة محافظات عراقية، موجة من التظاهرات الاحتجاجية التي نظمتها مجموعات مختلفة من المواطنين، مطالبين بحقوقهم المشروعة وتحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية.

احتجاجات موظفي شركة الحفر

تجمع المئات من موظفي شركة الحفر العراقية التابعة لوزارة النفط عند مدخل بئر 20 قرب مقر الشركة في منطقة البرجسية ضمن قضاء الزبير غربي البصرة. وطالب المتظاهرون بتحسين وضع شركتهم وتفعيل دورها ضمن الشركات الاستخراجية، مشددين على ضرورة تعديل أدائها ومنحها الأولوية في عقود حفر الآبار. كما دعوا إلى تخصيص نسبة من برميل النفط الخام المستخرج لصالح الشركة، مثل باقي الشركات الاستخراجية الأخرى.

المحتجون عبروا عن رفضهم للتحقيقات الجارية ضد بعض أعضاء اللجنة التنسيقية ومجلس الإدارة، وهددوا بالاستمرار في الاعتصام حتى تلبية جميع مطالبهم.

وفي محافظة كركوك، تظاهر عشرات الموظفين من شركة حفر الآبار النفطية/ هيئة العمليات الثانية، مطالبين وزارة النفط بصرف الحوافز المالية المتوقفة منذ أشهر.

وقال أحد المتظاهرين، عدنان شكور: “نحن نحفر الأرض ونستخرج النفط في ظروف صعبة، ولا يوجد مبرر لقطع الحوافز”. وأضاف علي قاسم، أحد المشاركين في التظاهرة: “مطلبنا واضح، وهو صرف الحوافز المالية المستحقة”.

ذي قار وميسان

أما في محافظة ذي قار، فقد أغلق العشرات من الخريجين تقاطع بهو الإدارة المحلية في الناصرية، مطالبين بإصدار أوامر التعيين الخاصة بالاستثناء من الدرجات الوظيفية.

واوقف المحتجون حركة المركبات في وسط المدينة في إطار تصعيدهم الاحتجاجي.

وفي ميسان، تجددت تظاهرات العشرات من المتقدمين للشمول برواتب الرعاية الاجتماعية أمام مبنى قسم الحماية الاجتماعية في العمارة، مطالبين بصرف “كي كارد” بعد استكمالهم الإجراءات القانونية لإلغاء ما يعرف بـ”فوق خط الفقر”. المحتجون أكدوا على حاجتهم الماسة لهذه الرواتب في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

الديوانية والمثنى

في محافظة الديوانية، نظم العشرات من أساتذة وموظفي جامعة القادسية تظاهرة للمطالبة بتخصيص قطع أراضٍ سكنية لهم. الدكتور صلاح حاتم، أحد أساتذة الجامعة، قال: “نحن نعيش في ظروف صعبة ولا تتوفر لنا سبل العيش الكريم التي تليق بمستوانا العلمي”.

وفي قضاء الهلال التابع لمحافظة المثنى، تظاهر عدد من المواطنين احتجاجًا على تدهور الطريق الذي يربط القضاء بمناطق الرميثة بسبب مرور شاحنات الحمل. المحتجون طالبوا بتحويل مسار الشاحنات لحماية سلامة التلاميذ والمواطنين.

جرحى القوات الأمنية وذوو الشهداء

وتجمع العشرات من جرحى القوات الأمنية وذوي الشهداء أمام مبنى ديوان محافظة ديالى، مطالبين بتخصيص قطع أراضٍ سكنية لهم. كشف حسين ساجي، أحد منظمي التظاهرة، عن تعرضهم للابتزاز من قبل سماسرة يعملون في دوائر البلدية الذين يطالبون بمبالغ مالية لإنجاز المعاملات وتخصيص الأراضي.

تأخر صرف الرواتب ونقص الخدمات

وفي السليمانية، تجمع العشرات من سكان منطقة كانياو أمام مبنى المحافظة احتجاجًا على تجاهل مطالبهم بتحسين الخدمات الأساسية، خصوصًا إمدادات المياه وتعبيد الشوارع. ممثل المحتجين، فتاح أحمد، قال: “نحن نعاني من نقص المياه منذ سنوات، ورغم وجود محطات قريبة من المنطقة، إلا أن الحلول ما زالت غائبة”.

ومع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد في كردستان، أصدر المعلمون المحتجون في السليمانية تحذيرات شديدة لحكومة الإقليم بشأن تأخير صرف رواتب شهري آب وايلول. دلشاد ميراني، عضو اللجنة، أكد أن المعلمين مستمرون في احتجاجاتهم حتى تلبية مطالبهم، مشددًا على أن التعليم يجب أن يكون أولوية قصوى لدى الحكومة.

**************************************************

كل خميس.. المثقف العربي.. أزمة الموقف وغياب الدور

جاسم الحلفي

أحد أبرز مظاهر ضعف المثقف العربي اليوم، يتجلى في تغيبه أو تردده في اتخاذ موقف صريح وواضح تجاه العدوان الإسرائيلي.

هذا التخاذل يُظهر ضعفًا بنيويًا في الفكر النقدي للمثقف، الذي يُفترض أن يقود الرأي العام نحو رفض العدوان على لبنان، ومقاومة الاحتلال بكافة الوسائل الممكنة. والمثقف الذي يتردد في إدانة الاحتلال والعدوان، يخسر موقعه كمُعبّر عن ضمير الشعب.

في خضمّ العدوان والاحتلال، يُفترض أن يكون المثقف العربي في طليعة من يقاوم الظلم والاضطهاد، متسلحًا بالكلمة والرؤية الناقدة. إلا أننا نشهد تراجعًا ملحوظًا في موقف المثقفين، حتى أصبح صوتهم، الذي كان يُعد منارة للتأطير وللتوجيه، واهنا لا يكاد يُسمع. وهذه الحالة تستدعي تحليلًا أعمق، لفهم الأسباب الكامنة وراء هذا التخاذل.

العديد من المثقفين العرب فضلوا الانصراف إلى قضايا داخلية ضيقة، أو تناول قضايا ثقافية محايدة، متجنبين الحديث المباشر عن العدوان. هذه الحالة ليست مجرد موقف فردي، بل هي نتاج سياسات أوسع، تحاصر المثقف وتجعله رهين حسابات سياسية نفعية. لكن هذا لا يعفي المثقف من مسؤولية مواجهة الظلم، فالتخاذل في هذا السياق يمثل تواطؤًا غير مباشر مع المعتدي.

ان تقاعس المثقف العربي أمام العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، يعكس أزمة فكرية وأخلاقية عميقة. وهذا التخاذل، الناتج عن ضغوط سياسية ومصالح ذاتية، أدى إلى فقدان المثقف موقعه كقائد للرأي العام وناطق باسم الطبقات المسحوقة. ويتطلب الخروج من هذه الأزمة عودة المثقف إلى دوره الطبيعي، كمدافع عن العدالة والتحرر الوطني والاجتماعي، بعيدًا عن التردد والحسابات الضيقة. اما الصمت والتخاذل في وجه العدوان فلا يعني سوى التواطؤً غير المباشر مع المعتدي، فيما المطلوب هو شجاعة الموقف ووضوح الرؤية.

المثقف العربي كان عبر التاريخ حاملًا لمشروع اجتماعي طبقي يتبنّى هموم الجماهير، ويعمل على مقاومة الهيمنة الاستعمارية والإمبريالية. لكن مع مرور الزمن حدث تحول في هذا الدور. فهذا المثقف بات اليوم إما جزءًا من طبقة سياسية أو اقتصادية منتفعة، أو تحت تأثير ضغوط تملي عليه التنازل عن دوره النقدي لصالح المصالح الشخصية أو المؤسسية.

ولا يمكن تجاهل الدور الذي تلعبه السياسات الإقليمية والدولية في تشكيل مواقف المثقفين. والعدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان ليس مجرد أحداث معزولة؛ بل هو جزء من مشروع أوسع يستهدف تمزيق المنطقة وإضعافها من خلال الحروب بالوكالة. والمثقف الذي كان من المفترض أن يحلل هذه المعادلة بعمق وينقلها إلى الجماهير، أصبح إما ضحية للتأثيرات الخارجية أو متورطًا في الصراعات الإقليمية بين القوى المتنافسة.

ان تحالف بعض المثقفين مع أجندات إقليمية أو دولية، سواء كان ذلك عن قصد أو تحت ضغوط، أفقدهم المصداقية أمام شعوبهم. حيث أصبح سهلا على المثقف أن ينحاز إلى طرف سياسي أو إقليمي، بدلاً من الحفاظ على استقلالية موقفه، وهو ما أدى إلى تآكل الثقة به من قبل الجماهير. وساهم هذا التردي في الرؤية في غياب التحليل الطبقي والعلمي للعدوان الإسرائيلي كجزء من سياسة أوسع تهدف إلى قمع كل محاولات التحرر الوطني والاجتماعي في المنطقة.

ان ما نحتاجه اليوم في مواجهة هذا التخاذل، هو إعادة بناء دور المثقف على أساس مشروع ثقافي تحرري، يرتكز على البعد الطبقي والوطني. وعلى المثقف أن يستعيد موقعه كمدافع عن حقوق الجماهير ومحرك لها في مواجهة العدوان والاحتلال والاستبداد معا. فهو لا يمكن أن يقف موقف المتفرج او يكون رهين المصالح الضيقة، خاصة في هذا الزمن الذي يتعرض فيه الشعبان الشقيقان الفلسطيني واللبناني لأبشع صور العدوان.

***********************************************************

أعلنوا تضامنهم مع الشعبين الفلسطيني واللبناني عوائل شهداء وجرحى ومغيبي تشرين يدعون الى إحياء ذكرى الانتفاضة

بغداد ـ انتصار الميالي

عقدت عوائل شهداء وجرحى ومغيبي انتفاضة تشرين مؤتمرًا صحفيًا في بغداد، امس الأول الثلاثاء، داعين الى رفع مستوى التضامن مع القضية الفلسطينية ومع الشعب اللبناني في مواجهة الكيان الصهيوني، مجددين المطالبة بوضع حدٍ للفساد والطغيان وكشف قتلة المنتفضين وتحديد مصير المغيبين.

ووجهت عوائل الشهداء دعوة إلى أبناء وبنات الشعب العراقي الذين شاركوا في انتفاضة تشرين بمختلف انتماءاتهم في العام 2019، وإلى كافة الضمائر الحرة التي دعمت الحراك الشعبي ضد الفساد ونظام المحاصصة في إحياء ذكر الانتفاضة.

ودعت العوائل في بيان إلى استذكار هذه المناسبة الوطنية العظيمة في قلوب العراقيين بالتواجد في ساحة التحرير يوم 1 تشرين الأول 2024، للمشاركة في إيصال صوت الحق والمطالبة بوضع حدٍ للفساد والطغيان، مؤكدين تمسكهم بالسلمية للمطالبة بحقوقهم المشروعة.

ودعا البيان إلى مساندة القضية الفلسطينية والتضامن مع أهالي غزة، وأيضًا التضامن مع الشعب اللبناني في مواجهة الكيان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة وحلفائها.

*************************************************************

في زيارة للمحافظ.. شيوعيو ديالى يقدمون رؤية الحزب حول معالجة أوضاع المحافظة

ديالى ـ طريق الشعب

سلّم وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة ديالى، المحافظ محمد عباس الشمري، رؤية الحزب مكتوبة بالتفصيل حول أوضاع المحافظة وسبل النهوض بها، مؤكدين موقف الحزب الرافض لمنهج المحاصصة.

وخلال زيارتهم للمحافظ في مكتبه، هنأ سكرتير المحلية الرفيق صالح رشيد حميد المحافظ بمناسبة تسلمه المنصب، معربًا عن تفاؤله بنجاحه في تقديم خدمات أفضل لجماهير ديالى.

كما تحدث الرفاق عبد اللطيف اسد ومحمود عبدالله وهاشم خليل وسالم عباس وشهاب العبيدي عن تدهور الخدمات والمشاريع المتلكئة في المحافظة، مشددين على أهمية التغيير في إدارة المحافظة الجديدة لتلبية احتياجات المواطنين.

هذا واستقبل السيد المحافظ هذه الآراء بإيجابية، مشيرًا إلى أن باب مكتبه مفتوح لتشخيص المعوقات والأزمات في المحافظة، وأن رؤية المحلية ستحظى بالاهتمام المطلوب.

***************************************************

الصفحة الثالثة

حذروا من ترويج تعاطيها ومن تسللها الى المدارس والجامعات   هل تحوّلت المخدرات الى صناعة محلية؟

بغداد ـ تبارك مجيد

يشهد العراق في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في تعاطي وترويج المخدرات، سواء من حيث انتشارها أو الجهود المبذولة لمكافحتها. وبينما تتباين الآراء حول وجود صناعة محلية لهذه الآفة داخل البلاد، لا تزال التقارير تشير إلى أن العراق يعد بشكل رئيس مستوردًا لهذه المواد.

وتعاني البلاد من تحديات كبيرة في تأمين حدودها الطويلة، خصوصًا مع إيران، ما يزيد من تدفق المخدرات إلى الداخل. وعلى الرغم من الجهود الحكومية والأمنية المتزايدة لمواجهة هذه الظاهرة، بما في ذلك ضبط كميات كبيرة من المخدرات وتفكيك شبكات تهريب دولية، لا يزال الموضوع يشكل خطرًا كبيرًا على المجتمع، وخاصة بين فئة الشباب.

نائب يؤكد صناعته محليا

وقال رئيس لجنة حقوق الانسان أرشد الصالحي، إن "خطر تعاطي المخدرات موجود ووصل لمستوى العثور على معامل لصناعة المخدرات بعدد من محافظات العراق بفضل جهود الأجهزة الأمنية والحكومية والتي نثني عليها، وكذلك فإن موقف المرجعية العليا حول خطورة آفة المخدرات جاء في محله".

وأضاف: "نعتقد في لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بضرورة التنسيق بين الأجهزة الأمنية كافة بعد بيان المرجعية العليا الذي كان واضحاً جداً، وتضمن تحريم التعاطي".

تستهدف الجامعات والمدارس

من جانبها، قالت عضو لجنة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية النيابية مديحة الموسوي، ان "انتشار المخدرات وصل إلى الجامعات والمدارس، خصوصًا الأهلية منها"، مؤكدة على "ضرورة سيطرة القوات الأمنية على منابع توريد المخدرات إلى البلاد".

وتطرقت الموسوي إلى "تحول العراق من كونه مجرد معبر لمرور المخدرات إلى سوق مهم لتجارتها"، داعية إلى "تعديل بعض فقرات القانون التي تساوي بين المتعاطي والتاجر". وحذرت الموسوي من "انتشار المخدرات داخل السجون"، مؤكدة أن "هذا الأمر يزيد من أعداد المتعاطين ويفاقم المشكلة".

ارتفاع أسعارها في السوق السوداء

يقول عصام كشيش، رئيس منظمة التعافي للحد من خطورة المخدرات، أن موضوع "صناعة المخدرات في العراق غير ثابت أو مؤكد بشكل نهائي، مضيفا أن "الأمر قد يكون متداولًا إعلاميًا، وخصوصًا في مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه لم يظهر في الإعلام الرسمي بشكل موثوق حتى الآن. وقال: "حتى اللحظة، لا يوجد دليل على وجود صناعة للمخدرات في العراق، ونحن لا نزال دولة مستوردة للمخدرات".

وأضاف كشيش لـ"طريق الشعب"، أن العراق شهد ارتفاعًا ملحوظًا في كمية المخدرات المضبوطة خلال السنوات الأخيرة. ففي عام 2022، تم ضبط نصف طن من المخدرات، بما في ذلك الكريستال والكبتاجون، بينما ارتفعت الكمية في عام 2023 إلى طن وربع، وفي عام 2024 وصلت إلى أربعة أطنان". كما أشار إلى ارتفاع أسعار المخدرات في السوق السوداء، حيث كان سعر الغرام الواحد سابقًا 25 ألف دينار، لكنه ارتفع الآن إلى ما بين 100 و150 ألف دينار، وأحيانًا يصل إلى 250 ألف دينار في المناطق الراقية، ما يدل على وجود تحرك جدي من قبل الدولة لمكافحة المخدرات في الداخل.

الحدود خارج السيطرة!

وأشار كشيش إلى، أن "العراق يعاني من مشكلة كبيرة تتمثل في عدم السيطرة الكافية على الحدود، حيث قال: "نحن نعالج النتيجة وليس السبب. العراق حدوده مفتوحة، خاصة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث تأتي المخدرات عبر الحدود".

وبيّن، أن السيطرة على حدود تمتد لمسافة تقارب 1200 كيلومتر ليست سهلة على الإطلاق، ما يزيد من صعوبة مكافحة تهريب المخدرات.

إنتاجها محلياً غير مؤكد

وفي ذات السياق، قالت إيناس كريم، رئيس منظمة نقاهة لمكافحة المخدرات، أنه لا يوجد دليل رسمي وواضح من الأجهزة الأمنية يثبت وجود صناعة محلية للمخدرات في جميع المحافظات، مشيرةً إلى أن الأمر قد يكون محصورًا في محافظة أو اثنتين فقط. وأوضحت، أن المخدرات تدخل العراق من الخارج وتنتشر في المحافظات، لكن الحديث عن صناعة محلية على نطاق واسع غير دقيق.

وأضافت كريم في حديث لـ"طريق الشعب"، أن "هناك جهودًا حكومية ملحوظة في التعامل مع ملف المخدرات مقارنة بالسنوات السابقة"، مبيّنة أن العمل الأمني قد تحسن بشكل واضح، حيث يتم القبض يوميًا على مئات تجار المخدرات وتعرض هذه العمليات على وسائل الإعلام. كما أشارت إلى الاهتمام المتزايد بفتح مستشفيات خاصة بعلاج الإدمان في بغداد والمحافظات.

وأكدت أنه سيتم افتتاح مستشفى في منطقة الكرخ قريبًا، بينما تم افتتاح مستشفى في منطقة الرصافة قبل عام، فيما حذرت من "وصول هذه المخدرات إلى المدارس والجامعات وتعاطيها حتى من قبل الفتيات".

وعلّلت كريم تفاقم انتشار المخدرات بـ"عدم ضبط الحدود"، موضحة أن "الكريستال والكبتاغون والحشيش لم تعد الأكثر انتشاراً بين الشباب، بل ظهرت أيضاً العقاقير المهدئة التي يحصل عليها الشباب من الصيدليات دون رقابة أو وصفات طبية".

ونبهت إلى أن تجار المخدرات ليسوا المسؤولين الوحيدين عن انتشار المخدرات، بل يتحمل أصحاب الصيدليات والمذاخر الذين وصفتهم بـ'الخونة' جزءاً من المسؤولية أيضاً.

وأشادت كريم بالتوجه البرلماني الحالي لتعديل قانون المخدرات رقم 50، حيث ذكرت أن رئاسة مجلس الوزراء أصدرت قرارًا مؤخرًا يعيد القانون إلى مجلس النواب بعد أن قضى قرابة عام في مجلس الدولة. وأضافت: "القانون الآن في مرحلة الإقرار، وهذا يعتبر تقدمًا مقارنةً بالوضع السابق".

ووافق مجلس الوزراء، يوم 17 من الشهر الجاري، على مشروع قانون التعديل الأول لقانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017.

وقال رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، إن هذا التعديل يهدف إلى رفع مستوى دائرة مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، لتتمكن من مواجهة هذه الآفة الخطيرة، بحسب تعبيره.

وتضمن المادة 40 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017، إعفاء المتعاطي الذي يقوم بتسليم نفسه للمؤسسة الصحية من العقوبات الجزائية، وتوفر له حقوقا منها، اعتبار المتعاطي مريضاً وليس متهماً، ووضعه تحت الملاحظة الصحية لمدة 30 يوماً، وتلقيه العلاج لفترة تتراوح ما بين 90-180 يوماً. وتشترط المادة على المتعاطي الالتزام بالعلاج ومراجعة العيادة النفسية الاجتماعية بعد الشفاء لفترة محددة ووفي حال عدم الالتزام أو التخلف يتم إشعار المحكمة المختصة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتعاطي.

وأعلنت المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في نهاية شهر آب الماضي، عن إحصائية بعدد عملياتها وعدد المقبوض عليهم والصادرة بحقهم أحكام قضائية خلال العام الجاري. إذ كشفت المديرية عن اعتقال نحو 10 آلاف متهم بجريمة المخدرات، فيما صدرت الأحكام القضائية بحق ما يقارب 5500 منهم منذ مطلع العام الحالي، مشيرة إلى تفكيك شبكات دولية عبر تبادل المعلومات وتكوين قاعدة بيانات بعمل دولي مشترك. 

المديرية تابعت أن المصحات تستقبل المئات من المتعاطين لتلقي العلاج، مؤكدة أن من يلجأ اليها من تلقاء نفسه لا يحاسب قانونيا وفق المادة 40 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية. وأشارت إلى صدور 140 حكما بالإعدام و500 حكما بالسجن المؤبد بحق تجار مخدرات للفترة من مطلع العام الماضي ولغاية شهر أغسطس من عام 2024.

***************************************************

من يقف وراء تعثر بناء المستشفيات في العراق؟

بغداد – طريق الشعب

منذ عام 2003، تعاني أغلب المحافظات العراقية من تلكؤ في تنفيذ المشاريع، إذ كشفت وزارة التخطيط في وقت سابق عن وجود أكثر من 1000 مشروع متلكئ في مختلف القطاعات. هذا التأخير لا يقتصر على قطاع معين بل يمتد إلى مختلف المجالات، ما يبرز ضعف أداء الشركات المنفذة وانتشار الفساد المالي والإداري في مفاصل الدولة، وهو ما أدى إلى بروز ظاهرة المشاريع الوهمية، لا سيمت في القطاع الصحي.

مشاريع مستشفيات متلكئة

حالما تسير في شوارع العاصمة بغداد، ستلفت انتباهك المباني التي بقيت قيد الإنشاء لسنوات، والمستشفيات التي بدأت مراحل العمل فيها منذ فترة طويلة لكنها لم تكتمل بعد. يعزو مراقبون هذه الحالة إلى الفساد الكبير من قبل الشركات المنفذة، بالإضافة إلى المحاصصة وغياب الرقابة الجدية من قبل الجهات المسؤولة عن إحالة تلك المشاريع وتنفيذها.

رغم أن الحكومة الحالية وضعت معالجة مشاريع المستشفيات المتعثرة على رأس أولوياتها، إلا أن هذه المشاريع لا تزال تراوح مكانها. وتشمل المستشفيات المتعثرة مستشفيات الحسينية، الفضيلية، النهروان، والمعامل في بغداد، والتي لم تشهد أي تقدم ملحوظ رغم تشكيل لجنة وزارية قبل عامين لحل الأزمة.

في المقابل، ورغم تقدم العمل في مستشفيات أخرى مثل الشعب والحرية، فإنها لم تُفتتح بعد، رغم مرور سنوات طويلة على انتهاء الفترة الزمنية المحددة لإنجازها. وتعود هذه المشاريع إلى الفترة بين عامي 2011 و2013، إلا أن الحكومات المتعاقبة فشلت في إنجازها.

وأعرب أهالي مناطق النهروان، الحسينية، والمعامل عن استيائهم الشديد من تعثر هذه المشاريع. ففي النهروان، يضطر السكان لقطع مسافة 45 كيلومتراً للوصول إلى أقرب مستشفى، ما يؤدي إلى وفاة العديد من الحالات الحرجة قبل وصولها إلى المستشفى. أما في الحسينية، فلم ينجز المستشفى منذ وضع حجر الأساس له في عام 2013 على يد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وبعد تشكيل الحكومة الحالية، أعلنت عن تشكيل لجنة خاصة لمعالجة مشاريع المستشفيات المتلكئة، حيث أكد المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، أن لجنة الأمر الديواني رقم "45" تواصل جهودها لمعالجة المستشفيات المتلكئة، مشيراً إلى أن اللجنة قطعت شوطاً كبيراً في عملها خلال السنتين الماضيتين.

وقال الهنداوي إن "العمل مستمر، وتم رفع قرارات وتوصيات إلى مجلس الوزراء لمعالجة المعوقات التي تسببت بتوقف العمل في المشاريع الصحية".

وأضاف أن "عدداً كبيراً من المستشفيات المتعثرة قد تمت معالجتها ودخلت الخدمة بسعات سريرية مختلفة". كما أوضح أن اللجنة نجحت في إعادة العمل بأكثر من 70 مستشفى متلكئ، بالإضافة إلى الانتهاء من بناء مستشفيين جامعيين في بغداد ونينوى بسعة 100 سرير لكل منهما.

تأخر كبير

أوضح الناشط في مجال الصحة، د. علي أنور أن القطاع الصحي في العراق يعاني من تخلف كبير، لا سيما في ما يتعلق بمشاريع البنى التحتية للمستشفيات والمراكز الصحية.

وقال أنور، "الفساد المستشري في مؤسسات الدولة أدى إلى تعطيل العديد من المشاريع الحيوية، ما أثر بشكل مباشر على تقديم الخدمات الصحية للمواطنين".

وأضاف في حديث لـ "طريق الشعب"، "لدينا نقص كبير في عدد المستشفيات والمراكز التخصصية، بالإضافة إلى قلة الأجهزة الطبية، وهو ما يجعل القطاع الصحي غير قادر على تلبية احتياجات السكان".

وبين أنور: "لا توجد مدينة في العراق يمكن القول إنها مكتفية بالسعة السريرية في مستشفياتها. على سبيل المثال، هناك مدن يصل عدد سكانها إلى 600 ألف نسمة، ولكن مستشفياتها لا تتجاوز سعتها 200 إلى 250 سريراً"، مؤكدا ان "هذا النقص الحاد في السعة السريرية يؤدي إلى تأخر تقديم الخدمات الطبية، ويزيد من تفاقم الوضع الصحي في البلاد."

وأكد، أن "السبب الرئيس وراء هذا التدهور يعود إلى الفساد الذي يعيق تنفيذ المشاريع الصحية وتأهيل البنية التحتية"، مشيراً إلى أن "المشاريع الصحية، سواء من حيث الإنشاء أم التجهيز، لا تسير بالوتيرة المطلوبة بسبب سوء الإدارة وغياب المحاسبة".

وتابع بالقول: انه "رغم صرف العديد من المبالغ الطائلة خلال السنوات الماضية، الا ان القطاع الصحي يتجه نحو الأسوأ"، وأشار إلى ان وجود شبهات فساد تطال عقود شراء الأدوية والمستلزمات الطبية، في حين لا يجد المريض في المستشفيات الحكومية كافة متطلبات العلاج.

مشاريع تفتقد الجودة

وكشف مصدر حكومي مطلع، عن الأسباب الرئيسة التي تعيق تنفيذ المشاريع، مشيرا إلى عدة جوانب تؤثر بشكل مباشر على تلك المشاريع.

وأوضح، أن الفساد والمحاصصة السياسية يعدان من أبرز العوامل التي تقف عائقًا أمام تنفيذ مشاريع الإعمار، حيث تُوزع المشاريع بناءً على المحاصصة السياسية، مع حصول المسؤولين على نسب مالية من تلك المشاريع، ما يؤدي إلى عدم اختيار الشركات الكفوءة لإنجاز الأعمال المطلوبة.

وأضاف لـ "طريق الشعب"، أن "قلة دقة الكشوفات الفنية وتكرارها تسهم أيضًا في تعثر تنفيذ المشاريع"، مؤكدا ان "هناك مشاريع كبيرة متوقفة منذ سنوات، مثل المدن الرياضية والمستشفيات ولم تُنجز رغم وضع الحجر الأساس لها منذ 13 عاما".

وأشار أيضًا إلى أن الصراعات على نسب الكوميشنات بين الجهات المتعاقدة تعرقل تنفيذ المشاريع، حيث تتفاوت النسب المطلوبة بين 5 الى 15 في المائة. كما تطرق إلى مشكلات تتعلق بتمويل المشاريع وتأخر إقرار الموازنات العامة.

واختتم حديثه بالتأكيد على أن "المحاصصة ليست بهدف تحسين الخدمات، بل لتحقيق مكاسب مادية وزيادة عدد العقود والكوميشنات"، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في التخطيط السليم واختيار الأشخاص الأكفاء لتنفيذ المشاريع بشكل صحيح.

**************************************************

التجاوز على عقارات الدولة في تزايد

نحو تثبيت دعائم الدولة

وفي السياق، قال المحلل السياسي علي البيدر أن "هناك أطرافا عديدة تستغل الوضع القائم لتحقيق أهداف سياسية وحزبية ضيقة"، مردفاً أن "النظرة نحو المال العام تغيّرت تدريجيًا لدى الكثير من الأطراف والفئات، حيث أصبحت مصلحية بحتة، ما أدى إلى تجاوزات مستمرة بحجة الاستثمار أو التنمية".

وأوضح، أن هذه التصرفات جعلت حرمة المال والممتلكات العامة في حالة هشّة، حيث يتعامل الجميع معها من منظور الربح والخسارة، لا من خلال مبدأ الحفاظ على الدولة ومصالحها.

ورغم تعمق هذه المشكلة، أكد البيدر أن "هذا الوضع هو حالة مؤقتة"، معربًا عن أمله في أن تأتي مرحلة إصلاحية تركز على تثبيت دعائم الدولة وترسيخ أسسها.

ليكن القانون أكثر ردعا

بدوره، قال القانوني مصطفى البياتي أن "عقارات الدولة تُعد من الأموال العامة التي تستوجب الحماية"، مشددًا على "ضرورة إصدار قانون يحدد بشكل واضح أحكام حفظ وإدارة هذه الأملاك".

وأضاف البياتي لـ "طريق الشعب"، أن "من القوانين والقرارات الرئيسية في هذا الصدد القرار رقم 154 لسنة 2001، الذي فرض عقوبات على المتجاوزين، بالإضافة إلى قانون إيجار عقارات الدولة رقم 21 لسنة 2013، وقوانين أخرى تفرض العقوبات على أي استغلال أو تجاوز على أملاك الدولة".

واشا إلى أن "المادة 27 من دستور 2005 تنص على حرمة الأموال العامة وتفرض على المواطنين والجهات المختصة واجب حمايتها. كما يشترط القرار 154 لسنة 2001 إزالة أي تجاوزات وقعت بعد نفاذه، وتتحمل الوزارات أو الجهات المختصة مسؤولية عدم إزالة هذه التجاوزات، مما يستدعي تدخل لجان خاصة لتطبيق القانون ومنع استمرار التجاوزات".

وبناءً على هذه النصوص، يؤكد البياتي أن "أي تجاوز على عقارات الدولة، سواء بالبناء أو استغلال الأراضي، يعد مخالفة إذا لم يتم وفقًا للموافقات الرسمية من الجهات المختصة، مثل البلديات وأمانة بغداد، وهو ما يؤكد ضرورة إعادة النظر في القوانين الحالية لتكون أكثر فعالية في حماية الأملاك العامة ومنع التجاوزات عليها".

***********************************************

الصفحة الرابعة

وقفة اقتصادية.. الدولار يواصل التهام مدخولات العراقيين

إبراهيم المشهداني

منذ أن قرر البنك المركزي رفع سعر صرف الدولار إلى 1320 وما تبعه من انخفاض قيمة الدينار العراقي وانعكاساته على الوضع الاجتماعي والاقتصادي في العراق، لم يستطع بسياساته تلك مواجهة نتائج قراره الذي تحول إلى عاصفة متوحشة أيا كان حجم كميات الدولار المباعة عبر نافذته ذلك لأن شراء العملة الأجنبية من هذه النافذة يذهب بها إلى ثلاثة اتجاهات، الأولى إلى المضاربات المالية والثانية لأغراض التجارة الخارجية والثالثة عملية تهريب منظمة وغسيل أموال بعمليات احتيالية.

كما أن البدء بالمنصة الاليكترونية والامتثال لنظام التحويل المالي (سويفت) لم يؤد إلى استقرار سعر الدولار او تراجع ملموس في سعر صرف الدولار رغم محاولات البنك المركزي السيطرة على هذا السعر في الأسواق الموازية، بل أكثر من هذا فإن منع 14 مصرفا من التعامل بالدولار قد عمق الأزمة ولم يهدئ منها مما اضطر البنك المركزي للانحناء امام العاصفة  على الرغم من تأكيدات رئيس الوزراء وإقرار موازنتي 2023و2024 ووافقه في ذلك تأكيدات العديد من المسؤولين على رفع قيم الدينار. وتعود أسباب هذه العاصفة بل وديمومتها إلى العلاقة بين الإنفاق العام والطلب على الدولار فان هذه الزيادة من خلال قوى السوق المحلي بنسبة 60 في المائة من اجمالي النمو في العملة المصدرة بمعنى العلاقة العكسية بين الانفاق العام والاحتياطيات الأجنبية المتأتية من إيرادات النفط غير الكافية لسد الطلب المحلي من العملة الأجنبية.

ومن جانب آخر فإن أمام أزمة الدولار مشاكل هيكلية لم تلفت نظر القائمين على السياستين المالية والنقدية، فان السعر الحكومي للدولار يباع ب(1320) دينار فيما تقوم المصارف ببيعه ب(1470) دينار ووصل في بعض الأحيان إلى( 1700 ) دينار في السوق الموازي، ولم تسعف اجراءات البنك المركزي بإعادة السعر إلى (1300) دينار الا إلى انخفاض مؤقت ولكنه لم يحقق الاستقرار المستدام، والإجراءات التجريبية لرفع قيمة الدينار للمسافرين العراقيين كانت فاشلة بسبب عدم جذريتها لاعتمادها على ترددات هذه التجارب وبدون مراجعة لإعادة تنظيم القطاع التجاري والزام المصارف بالالتزام بالمعايير الدولية والبنك الفيدرالي الأمريكي صاحب اليد الطولى في حركة الدولار في عمليات التحويل اليومية.

إن الاتجار بالعمالة الأجنبية عبر منظومات تشكلت بعد عام 2003 لتتولى استيرادها من الخارج وإدارة توزيعها على دوائر الدولة والقطاع الخاص على حساب العمالة الوطنية التي تزيد نسبة البطالة فيها على 16 في المائة لما تسببه هذه المشاريع الوهمية المدعومة من قوى متنفذة إلى اخراج العملة الصعبة من الاحتياطي النقدي بما تصل إلى ملياري دولار سنويا فضلا عن الضغوط التي تولدها على البنية التحتية والخدمات العامة كالإسكان والرعاية والصحة العامة والطلب على العملة الأجنبية في السوق الموازية وارتفاع معدلات التضخم خاصة ان التقديرات تشير إلى وجود مليون عامل اجنبي وان 7 في المائة منهم فقط حصلوا على موافقة وزارة العمل.

إن ارتفاع سعر الدولار والاضطراب المتولد في حركة العملة مما يسبب ارباكا في الاقتصاد وبصورة مباشرة على الأسعار مع ما يصاحبها من ارتفاع في معدلات التضخم وتداعياتها على مستوى معيشة المواطنين، والأكثر تضررا هم الشرائح واطئة الدخل والتي لا دخل لها سوى معونة الرعاية الاجتماعية المتواضعة، وهؤلاء يشكلون نسبة تزيد عن النصف من المجتمع العراقي وتزيد من معدلات الفقر وافتقار حصتها من الدخل الوطني والخدمات العامة وبهذا المستوى المتدني تكون هذه الشرائح في مواجه عاصفة الدولار.

إن مواجهة عاصفة الدولار تلك يتطلب كخطوة أولى وبصورة مؤقتة الامتثال لمتطلبان منصة سويفت الالكترونية للتحويلات النقدية وينبغي على المصارف العراقية تسجيل تحويلاتها على هذه المنصة والتخلي التام عن نظام التحويل القديم الذي يسمح بالكثير من التجاوزات، ومن الضروري أيضا قيام الحكومة العراقية ما دامت في طور التجريب القيام بالتبادلات النقدية بالدينار العراقي في السوق الداخلية اما على المدى المتوسط والبعيد التعامل بعملات أخرى غير الدولار كاليوان الصيني او الدرهم الاماراتي او الروبية الهندية في التعاملات الخارجية وبصورة تدريجية.

**********************************************

السياسة الاقتصادية لبلدان بريكس نحو إقامة نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب

د. عودت ناجي الحمداني

في ظل الأجواء الدولية المشحونة بشهوة السيطرة والنهب وعربدة ما يسمى بالقطب الأحادي الدولي للسيطرة على العالم ونهب ثرواته من خلال أذرع الرأسمالية صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والعولمة. أعلنت بلدان بريكس التي تضم كلا من روسيا والهند والصين وجنوب افريقيا والبرازيل في عام 2011 عن انشاء تكتل اقتصادي دولي لتحقيق مصالحها المشتركة والعمل على إقامة نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب وانشاء ما يعرف (ببنك بريكس) كبديل عن صندوق النقد الدولي لاستعادة التوازن الدولي وتحقيق العدالة والمساواة في العلاقات الدولية.

ومصطلح بريكس (BRICS) هو التسمية التي تطلق على الاقتصادات الوطنية الناشئة التي تمثل القوة الاقتصادية الصاعدة في العلاقات الدولية. وقد برزت بلدان بريكس في الساحة الدولية كتجمع اقتصادي دولي يضم مجموعة أضخم الاقتصادات الناشئة والصاعدة في التطور والنمو الاقتصادي في وقت تعاني فيه المنظومة الرأسمالية بأكملها من أزمة اقتصادية ومالية واخلاقية حادة. وهي أزمة دورية قاهرة تذكرنا بأزمة الكساد التضخمي في الفترة 1929 – 1933 وازمة الرهن العقاري في عام 2008.

وقد قدم عدد من البلدان طلباَ رسمياَ للانضمام إلى بريكس هي الإمارات ومصر والجزائر والأرجنتين والبحرين وبنغلاديش وبيلاروسيا وبوليفيا وكوبا وإثيوبيا وهندوراس وإندونيسيا وإيران وكازاخستان والكويت والمغرب ونيجيريا وفلسطين والسعودية والسنغال وتايلاند وفنزويلا وفيتنام. ومنذ الأول من كانون الثاني عام 2024 أصبحت مصرو إثيوبيا وإيران والارجنتين والسعودية والإمارات العربية اعضاءَ في مجموعة البريكس الدولية. وحسب ما أدلى به السيد سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي إلى وكالة تاس للأنباء هناك 30 دولة أبدت رغبتها في إقامة علاقات مع المجموعة الدولية لبريكس. ووفقاَ لوكالة سكاي نيوز العربية أن الكثير من البلدان تسعى للانضمام إلى مجموعة بريكس للاستفادة من المزايا الاقتصادية والسياسية التي تمنحها بلدان بريكس والعمل على خلق التوازن في الاقتصاد العالمي.

  ووفقاَ لما أقره قادة بلدان بريكس في القمة التي جمعتهم في روسيا الاتحادية عام 2009 فإن بلدان بريكس تعمل كمنظمة دولية تشجع التعاون التجاري والثقافي والسياسي فيما بينها وبين البلدان التي تنضم اليها مستقبلاَ. وبحسب التقرير الذي أعده Wall street في 24\7\2016 فان روسيا تحتل المرتبة الأولى في العالم في الموارد الطبيعية وخصوصا النفط والغاز والغابات وثاني دولة في العالم في احتياطات الفحم والثالثة في العالم في احتياطات الذهب ومن الدول الخمس الكبار في العالم في النحاس والذهب والغاز الطبيعي، وتصدر في اليوم الواحد بين 10 إلى 12 مليون برميل من النفط الخام. وتقدر قيمة مواردها بنحو 75,7 ترليون دولار. 

وتعد جمهورية الهند من البلدان الغنية بمعدن الفحم والحديد الخام والبوكسيت والنحاس والبترول والغاز الطبيعي والرصاص والذهب والفضة والزنك. وحسب يودلهي/لندن (CNN) بلغت قيمة اقتصاد الهند 3.7 تريليون دولار في عام 2023، مما يجعلها خامس أكبر اقتصاد سوقي في العالم، أما الصين الشعبية فتمثل الاقتصاد الثاني في العالم بعد الولايات المتحدة الامريكية وهي دولة غنية بالموارد الطبيعية كالنفط والغاز الطبيعي والفحم واليورانيوم، بالإضافة إلى معادن متنوعة أبرزها الحديد والمنغنيز والنحاس والرصاص والزنك، كما تتوفر في الصين أعلى طاقة مائية هي الأكبر في العالم. وتتمتع باحتياطات ضخمة من العملات الصعبة والذهب والموارد الطبيعية، وتصدر منتجاتها الصناعية والزراعية والتكنولوجية إلى كافة بلدان العالم بما فيها البلدان الأوربية المتقدمة.

واما البرازيل فتمتلك أضخم احتياطي من الحديد والمنغنيز واليورانيوم والماس الصناعي والأحجار الكريمة وفيها أكثر من 6 ملايين مؤسسة زراعية. وتتمتع جنوب أفريقيا بأكثر من 95 بالمئة من الاحتياطي العالمي من البلاتين ونحو 12 بالمئة من الكروميت و10 بالمئة من الألمنيوم.

 ومن حيث السكان فان بلدان بريكس تمثل أكثر من42,1 بالمئة من سكان العالم بما يعادل أكثر من 3 مليار نسمة. ووفقا لإحصاء   عام 2015 فان سكان الصين أكثر من 1,730 مليار نسمة تمثل 19,9         بالمئة من نفوس العالم، وعدد نفوس الهند 1,212 مليار نسمة بما يعادل 17 بالمئة من سكان العالم. وحسب احصائيات عام 2014 فان سكان روسيا تجاوز 143 مليون نسمة وبلغ عدد سكان البرازيل 190 مليون نسمة ونفوس جنوب أفريقيا 52 مليون نسمة. ونستنتج من هذه الاحصاءات أن حجم القوى البشرية في بلدان بريكس تغطي متطلبات اسواق العمل في هذه البلدان وتفيض عن حاجتها وتتميز برخص تكلفة أجور القوى العاملة.

ومن حيث المساحة فتبلغ مساحة بلدان بريكس 39,7 مليون كيلو متر مربع بما يعادل 30 بالمئة من مساحة الكرة الارضية. وتحتل روسيا الاتحادية المساحة الاكبر في العالم 17,1 مليون كيلو متر مربع وجمهورية الصين رابع مساحة في العالم 9,595 مليون كيلو متر مربع والهند سابع دولة في العالم بمساحة 3,287.263 مليون كيلو متر مربع وتحتل البرازيل مساحة 8,5 مليون كيلو متر مربع، وجنوب افريقيا 1,2 مليون كيلو متر مربع.

 ان اقتصادات بريكس تنمو وتتطور بسرعة ومن المتوقع ان تنافس اقتصاد أغنى الدول في العالم في عام 2050. فعلى المستوى الدولي تحتل الصين المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الامريكية وتحتل الهند المرتبة الرابعة وروسيا المرتبة السادسة والبرازيل المرتبة التاسعة، وجنوب إفريقيا المرتبة الخامسة والعشرين. ويبلغ الناتج الاجمالي لبلدان بريكس 22 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وهو ما يعادل 37 تريليون دولار في عام 2008. ويتوقع الخبراء أن بلدان بريكس سوف تساهم بحوالي 50 بالمئة من أسواق الأسهم العالمية بحلول 2050.

وبالإضافة إلى قدرات بلدان بريكس الاقتصادية والبشرية والعلمية فإن ثلاثة بلدان منها هي روسيا والصين والهند دول نووية ودولتان من بين دول بريكس الخمس هما روسيا والصين من البلدان الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي وتمتلك روسيا لوحدها ما يقارب 52 بالمئة من حجم الرؤوس النووية العالمية. ونستنتج من ذلك أن بلدان بريكس ستكون القطب الدولي المؤهل لإحداث التغيير الجذري في موازين القوى الدولية وإقامة عالم جديد متعدد الاقطاب وتحرير البشرية من سيطرة ما يسمى بالدولة الامريكية العظمى وعبودية صندوق النقد الدولي.

انشاء بنك التنمية الجديد (بنك بريكس) كبديل لصندوق النقد الدولي

تم انشاء بنك بريكس او ما يعرف ببنك التنمية الجديد في عام 2012 برأسمال قدره 150 مليار دولار وصندوق للاحتياطات النقدية برأسمال 100 مليار دولار ليكون مؤسسة مالية دولية موازية لصندوق النقد الدولي وبديلاَ مستقبليا له. وبحسب لوائح بنك بريكس فان القروض التي يقدمها للبلدان النامية الفقيرة هي قروض مساعدة وبفوائد رمزية او شكلية وربما بفوائد صفر ولا تتضمن اية شروط للتدخل في شؤون البلدان المقترضة. ويشكل هذا التوجه سياسة جديدة في الإقراض الخارجي وفي العلاقات الاقتصادية الدولية التي تقوم على التعاون والمنافع المتبادلة ومساعدة البلدان الفقيرة على تجاوز أزماتها المالية والنهوض باقتصادها الوطني. وهذا التوجه يختلف عن سياسة الاقراض الخارجي التي ينتهجها صندوق النقد الدولي والتي بموجبها يقدم القروض إلى البلدان النامية الفقيرة بفوائد مرتفعة ومركبة ومتحركة. ويفرض عليها تعويم العملة والخصخصة واقتصاد السوق والتكيف الهيكلي المدمر للاقتصادات النامية ويتوخى الصندوق من فرض هذه الإجراءات القاسية خلق الظروف الموضوعية لوضع مسارات الاقتصادات النامية على طريق التوجه الرأسمالي وتعميق تبعيتها الاقتصادية والمالية والتكنولوجية للبلدان الرأسمالية الدائنة.

فقد استغل صندوق النقد حاجة البلدان الفقيرة الماسة إلى التمويل المالي لجني الأرباح والفوائد الخيالية وإغراق البلدان المقترضة بديون ضخمة لا تستطيع الوفاء بها وجعلها تدور في حلقة مفرغة. فعند عجز البلدان عن الوفاء بخدمات الدين تضطر إلى استدانة قروض جديدة لسداد خدمات القروض القديمة وهكذا تبقى في دوامة الديون. وتتحول القروض من وسيلة لتمويل خطط التنمية المعول عليها في انقاذ الاقتصاد وانتشاله من ازماته المالية إلى أداة لتسديد الديون وتحمل أعبائها الكارثية. 

وبالنسبة إلى طريقة اتخاذ القرارات في صندوق النقد الدولي فإن القرارات الاستراتيجية تتخذ بطريقة التصويت المرجح المنافية لكل أشكال الديمقراطية. والتصويت المرجح يعني أن الدول التي تمتلك حصصا أكثر في رأسمال الصندوق هي التي تقرر. وبذلك تصبح الدول الاحتكارية الخمسة الدائمة العضوية في الصندوق وهي الولايات المتحدة الامريكية واليابان والمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا التي تمتلك أكثرية الحصص في رأسمال الصندوق هي التي تحدد سياسات صندوق النقد وتوجهاته. وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك النسبة الاكبر 22,6 بالمائة من حق التصويت و17 بالمائة من الأسهم في رأسمال الصندوق فأنها الدولة التي تتحكم في صندوق النقد الدولي. ولهذا فان صندوق النقد الدولي منذ نشأته في عام 1945 وحتى الوقت الحاضر لم يتخذ قرارا واحدا مخالفا لتوجهات الولايات المتحدة الامريكية وانما تحول إلى مروج للسياسات الرأسمالية.

وبخلاف طريقة اتخاذ القرارات في صندوق النقد الدولي فان القرارات والسياسيات التمويلية في بنك التنمية الجديد (بنك بريكس) تتخذ بأريحية ديمقراطية تقوم على التفاهم وضمان مصالح جميع الاعضاء. وفي هذا الإطار تم الاتفاق على تحديد نسبة معينة لكل دولة من الدول المؤسسة للبنك للمساهمة برأسمال البنك. فبلغت مساهمة الصين 41 مليار دولار ومساهمة روسيا 18 مليار دولار وبمثل حجم هذا المبلغ تساهم كل من الهند والبرازيل وتساهم جنوب أفريقيا بمبلغ 5 مليار دولار.

إن قروض صندوق النقد الدولي غالبا ما تذهب إلى البلدان الموالية للبلدان الرأسمالية ولدعم الانظمة الدموية والفاشية في افريقيا وامريكا اللاتينية.  فعلى سبيل المثال رفض صندوق النقد الدولي تحت الضغوط الأمريكية تقديم القروض إلى جمهورية مصر العربية إبان حكم الرئيس جمال عبد الناصر وعلل هذا الرفض بسبب علاقة مصر مع الاتحاد السوفيتي السابق وتوجهها الاشتراكي. وبين عامي 2011 و2012.  قدم الصندوق قروضَا بقيمة 23,5 مليار دولار إلى اليونان و22,9 مليار دولار للبرتغال و19,4 مليار دولار لأيرلندا. وفي الوقت نفسه رفض تقديم أية قروض لتمويل بعض المشروعات المهمة في بلدان آسيا وامريكا اللاتينية.

ونستنتج من ذلك أن دور صندوق النقد الدولي يتلخص في أنه أحد أذرع الدول الاحتكارية في إدارة الإقراض الخارجي التي ضمنت للدول الاحتكارية تشغيل بلايين الدولارات المتراكمة في خزائنها في البلدان النامية وتحقيق الفوائد والارباح الفلكية. وهو الوجه الآخر للرأسمالية الطفيلية وغطاءَ لتنفيذ برامجها الرامية إلى امتصاص خيرات البلدان النامية.

إن بلدان بريكس بأرصدتها المالية الضخمة من الأصول والعملات الصعبة أصبحت قوة اقتصادية ومالية دولية في الوقت الذي تغرق فيه البلدان الرأسمالية الاحتكارية بأزمة مالية واقتصادية عميقة وتعاني من مديونية خارجية ضخمة تلقي بتبعاتها المدمرة على أوضاعها الاقتصادية. فقد بلغت المديونية الخارجية للولايات المتحدة الامريكية نحو 30 ترليون دولار في عام 2023 وديون الاتحاد الاوربي المكون من 17 دولة 9،15 تريليون دولار في عام 2020 وديون ايطاليا 5,6 ترليون دولار في عام 2014.  واليابان 12,03 ترليون دولار وارتفعت خلال عام 2020 ديون المملكة المتحدة إلى 3,56 تريليون دولار، وفرنسا 3 تريليون دولار. وإيطاليا 2,92 تريليون دولار وألمانيا 2,27 تريليون دولار.

إن انشاء بنك التنمية الجديد (بنك بريكس) سيساهم بشكل فعال في كسر هيمنة القطب الدولي الأحادي المهيمن على الاقتصاد العالمي والانتقال إلى عالم اقتصاد جديد، عالم ديمقراطي متعدد الأقطاب يحترم سيادة البلدان واستقلالها ويحرم التدخل في شؤونها. وبكون بلدان بريكس الدولية تمثل أضخم الاقتصادات الصاعدة في العالم فان مصالحها وأهدافها تلتقي مع مصالح وأهداف الأغلبية المطلقة لبلدان العالم في إقامة نظام دولي جديد بديلاَ عن النظام الدولي الحالي القائم على القطبية الاحادية.

وقد اثبتت الحياة بما لا يقبل الشك خطل وزيف المساعدات الغربية التي لا تقدم لأي بلد الا لاعتبارات سياسية واقتصادية تعزز من نفوذ ومصالح الدول الرأسمالية الدائنة وسيطرتها.

******************************************************

الصفحة الخامسة

مواطنون: نخاف على أطفالنا.. ضعوا مطبّات  الشوارع حديثة التبليط ميادين لسباق السيارات!

بغداد – طريق الشعب

بفارغ الصبر ينتظر أهالي المناطق السكنية غير المخدومة، شمول مناطقهم بمشاريع البنى التحتية، وفي مقدمتها المجاري والتبليط. وما أن يتحقق هذا الحلم الذي يراودهم على مدى سنوات من الإهمال، حتى يتحوّل إلى مأساة! فالشوارع حديثة التبليط تبدو مغرية للمتهورين من سائقي المركبات والدراجات النارية وعجلات التوك توك، الذين يجدونها أشبه بميادين للسباق والاستعراض!

وكثيرا ما تتداول وكالات أنباء وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، شكاوى لمواطنين من مرور السيارات في شوارعهم المبلطة حديثا، مسرعة، الأمر الذي يثير إزعاجهم ويقلقهم على أطفالهم. ففي ظل عدم توفر أماكن ترفيهية ومتنفسات للأطفال، يخرج الصغار للعب في الشوارع، وبالتالي يكونون عرضة لحوادث الدهس.

ويضطر المواطنون إلى إنشاء مطبات على الشوارع بطرق بدائية، مستخدمين التراب والأنقاض، على أمل أن يُرغم ذلك سائقي المركبات على تخفيف السرعة. لكن يبدو أن هذا الإجراء لم يعد يجدي نفعا. إذ يعود بعض المتهورين ويشرعون بإزالة المطبات. فيما لا يكترث البعض الآخر للضرر الذي ممكن أن يسببه المطب الترابي بمركبته، فيسحقه بسرعته المفرطة حتى يتهدم!

التراب يغزو المنازل!

المواطن محمد ربيع، ويسكن في قضاء الصويرة شمالي واسط، يقول: “لا أنكر ان الأتربة، قبل تعبيد شارعنا، كانت تتطاير وتدخل إلى منازلنا بفعل مرور السيارات، وهذا أمر طبيعي كون الشارع ترابيا. لكن، بعد أن عبّدوه بالكونكريت، استعدادا لتبليطه بالاسفلت، تفاقمت المشكلة. فقد باتت المركبات تمر مسرعة من أمام منازلنا، وتتسبب في تطاير التراب المتناثر هنا وهناك، بشكل أكبر، ناهيك عن الصوت المزعج الصادر عنها، والخطورة التي تحدق بنا وبأطفالنا الذين غالبا ما يلهون في الشارع”.

ويضيف لـ”طريق الشعب” قائلا، أنه “كان يُفترض بالجهات المعنية، إنشاء مطبات اصطناعية للحد من سرعة المركبات”.

تنفسنا الصعداء، ولكن!

أما المواطن أبو علي، وهو من قضاء المحمودية جنوبي بغداد، فيقول انه “بعد سنوات من المعاناة مع غرق شوارعنا في الشتاء وتطاير الاتربة منها في الصيف، تنفسنا الصعداء ونحن نشاهد إنجاز مشروع تبليط حيّنا”.

ويستدرك في حديث لـ”طريق الشعب”: “لكن الفرحة لم تدم. إذ تحوّل زقاقنا وغيره من الأزقة حديثة التبليط، إلى ميادين لسباق المركبات والدراجات النارية. إذ ان هناك متهورين لا يميزون بين زقاق سكني وطريق سريع، فيمرون من أمام منازلنا مسرعين، ما يثير إزعاجنا، وقلقنا أيضا”.

ويؤكد أبو علي أن بعض الأهالي قاموا بإنشاء مطبات ترابية على مسافات متقاربة، لإجبار المتهورين على تخفيف سرعة عجلاتهم، إلا أن ذلك لم يجدِ نفعا. إذ لا يكترث الكثيرون من هؤلاء لتلك المطبات، فيتجاوزونها مسرعين، وبالتالي تتهدم حتى تختفي مع مرور الأيام.

ويطالب المواطن الجهات المعنية، بإنشاء مطبات نظامية في أزقتهم، مؤكدا أن الأهالي قلقون على أبنائهم من حوادث الدهس، لا سيما مع انطلاق العام الدراسي الجديد.

نبني مطبا ويختفي في اليوم التالي!

ومن مدينة البصرة، يؤكد المواطن علي كريم، وهو من سكان منطقة “أم النعاج”، انه وجاره أنشأوا مطبا ترابيا على الشارع الرئيس الذي يتوسط المنطقة، بعد تبليطه مباشرة، لإجبار المركبات على تخفيف سرعتها، وفي اليوم التالي تفاجأوا باختفاء المطب!

ويقول لـ”طريق الشعب”، ان “منطقتنا لم تكن مشمولة بالتبليط، لأن أراضيها من الجنس الزراعي، لكن البلدية بادرت إلى تبليط الشارع الذي يتوسط المنطقة، كونه يربط بين شارعين رئيسين”، مشيرا إلى أن “الشارع ضيّق ويتضمن انحرافات حادة، وتطل عليه منازل منذ بدايته حتى نهايته. فيما تمر منه يوميا أعداد كبيرة من السيارات المسرعة، صغيرة وكبيرة، وبالتالي أصبح الأمر يثير ازعاجنا وقلقنا، لا سيما أن أطفالنا يلعبون في الطرقات”.

ويوضح كريم ان البعض من أصحاب المركبات لا يروق له وجود المطبات، فيعمد إلى هدمها كي يتسنى له السير بسرعة، غير مكترث لما قد يسفر عنه ذلك من كوارث، لافتا إلى أن حوادث عديدة حصلت على هذا الشارع، بين اصطدام مركبات ودهس مارة، بفعل تهور بعض السائقين.

ويناشد المواطن، البلدية إنشاء مطبات على الشارع، لا سيما في المواقع التي تحتوي على انحرافات حادة. فيما يدعو سائقي المركبات إلى التحلي بالذوق والمسؤولية وعدم السير بسرعة في الأزقة السكنية.

****************************************************

الصفوف كرفانية متهالكة أهالي «آل نبهان» يغلقون مدرستهم الوحيدة

متابعة – طريق الشعب

خلاف ما حصل في معظم مناطق العراق، لم تستقبل قرية آل نبهان في ناحية غماس بمحافظة الديوانية، العام الدراسي الجديد بالنشاط والتفاؤل. إذ وقف أولياء أمور التلاميذ أمام “ابتدائية يثرب” الكرفانية التي تفتقر لابسط وسائل الراحة والسلامة. وأقدموا على إغلاقها ومنع التلاميذ والكادر التعليمي من الدوام لحين حضور المحافظ.

ويوضح عدد من وجهاء القرية في حديث صحفي، أن “المدرسة النظامية هدمت قبل 13 عاما، وأقيمت بدلا منها مدرسة كرفانية مؤقتة على أمل إنشاء مبنى نظامي جديد، لكن ذلك لم يحصل على الرغم من تعاقب 4 محافظين على إدارة الديوانية”.

يقول اسماعيل عبد الشهيد، أحد وجهاء القرية، أن “هذه المدرسة يفترض أن يتم بناؤها بطريقة البناء الجاهز. حيث قاموا بجلب القطع الكونكريتية، وتركوها ثم غادروا الموقع ولم يعودوا”!

ويشير في حديث صحفي إلى ان “المدرسة تضم 600 تلميذ. وإننا سبق ان اشتكينا لدى النزاهة، فأتى مقاول آخر، وقال ارفعوا الصبات لغرض تنفيذ العمل، وهذا ما فعلناه، لكن حتى الآن لا توجد نتيجة”، لافتا إلى ان الأهالي معترضون على دوام أبنائهم في المدرسة الكرفانية المتهالكة، ولن يسمحوا بذلك أبدا.

أما نعيم هادي حسين، وهو أيضا من وجهاء القرية، فيؤكد أنه “راجعنا الجهات المعنية بشأن بناء المدرسة، فأبلغتنا بأنها مسجلة لدى الدولة كمدرسة مشيدة”، مشيرا إلى ان “المدرسة قبل الهدم كانت سليمة ويمكن أن تعمّر 60 عاما، لكنهم هدموها قبل 13 عاما، وباعوا الحديد والأبواب والشبابيك وحتى الطابوق، دون أن يعيدوا بناءها”.

وينوّه إلى ان “التلاميذ يعانون في المدرسة الكرفانية برد الشتاء وحر الصيف. إذ لا توجد شبابيك في الصفوف المتهالكة. كما لا تتوفر في الموقع مرافق صحية”.

من جانبه، يقول المواطن زيد طاهر، أنه “مر على الديوانية 4 محافظين، ولا تزال المدرسة على حالها. فلو ان كل محافظ خصص مبلغا صغيرا إلى هذه المدرسة، لتم بناؤها على احسن وجه”!

ويلفت إلى ان “هذه المدرسة هي الوحيدة في غماس، لم يجر بناؤها حتى الآن”، مؤكدا أنه “لدينا كادر تعليمي ممتاز، ولا نحتاج سوى إلى مبنى مدرسي نظامي”. 

***************************************************

في الكوت بيتٌ لإيواء مرضى السرطان القادمين للعلاج من محافظات أخرى

متابعة – طريق الشعب

بادر أعضاء حملة “يد العون” الخيرية الإنسانية في مدينة الكوت، قبل شهور، إلى بناء منزل بسيط في منطقة “شارع النفط” جنوبي المدينة، وتخصيصه لإيواء مرضى السرطان وعائلاتهم، الذين يأتون من محافظات أخرى لغرض تلقي العلاج في مركز واسط التخصصي لعلاج الأورام السرطانية.

إذ يتطلب من المرضى أحيانا البقاء فترة في المدينة، لحين إتمام العلاج، وبالتالي يضطرون إلى استئجار منازل أو فنادق، ما يكلفهم مبالغ طائلة.

ستار الكناني، أحد أعضاء الحملة، يقول في حديث صحفي أن “المنزل مخصص لإيواء مرضى السرطان القادمين من محافظات أخرى لتلقي العلاج في الكوت”، مبينا أن “استقبال المرضى في المنزل يتم بالتنسيق مع المؤسسة الصحية”.

ويوضح أن “تقديم جرعات العلاج للمريض تكون أحيانا بين يوم وآخر، وتستمر شهرا أو شهرين، ما يرهق عائلات المرضى ويكلفها ماديا. لذلك نحن وفرنا هذه الدار لإيواء المرضى وعائلاتهم طوال فترة العلاج، مع التكفل بإطعامهم ونقلهم من المستشفى وإليها”.

ويشير الكناني إلى ان “الدار بُنيت بأموال متبرعين على أرض منحنا إياها أحد الخيرين.

أما مصروفات الطعام والنقل، فهي أيضا تأتي من متبرعين”.

ويتحدث مواطن من مدينة الناصرية، عن إيوائه وزوجته المريضة بالسرطان في المنزل المذكور، مبينا أنه جاء من مدينته إلى الكوت لغرض علاج زوجته في مركز الأورام، وأن جرعات الكيمياوي العلاجية يجب أن تُعطى لها على مدى شهر.

ويتابع في حديث صحفي قوله أن “إدارة المركز أبلغتنا بالتواصل مع أصحاب الحملة الإنسانية، كي توفر لنا السكن. وبالفعل أقمنا في المنزل طوال فترة العلاج، ووُفر لنا الطعام والشراب والنقل مجانا، ما جنبنا الكثير من المصاريف التي بالتأكيد لسنا قادرين على تحملها بسبب ضعف وضعنا المالي”.

*************************************************

المركبات تتساقط من جسر الشامية!

متابعة – طريق الشعب

يشكو العديد من أهالي قضاء الشامية غربي الديوانية، من خطورة شديدة تواجه أصحاب المركبات على الجسر الرئيس الذي يربط مدينتهم بالطريق المؤدي إلى مدينة النجف، مبينين في حديث صحفي أن الجسر يفتقر إلى المصدات وأسيجة الحماية والإنارة، رغم كونه طريقا حيويا يقطعه يوميا وافدون من المحافظات الجنوبية إلى النجف وبالعكس.

وفيما يؤكد الأهالي أنه بسبب عدم وجود سياج حماية في الجسر، تتساقط منه مركبات بين حين وآخر. يلفت رئيس مجلس المحافظة إلى انه خاطب دائرة الطرق والجسور بخصوص نصب سياج كونكريتي أو حديدي للجسر، مع تزويده بالإنارة الليلية.

يقول المواطن سمير علي، أن “وضع الجسر يحرجنا أمام الوافدين إلى القضاء. إذ لا تتوفر فيه شروط السلامة من سياج وإنارة ليلية”، مشيرا إلى ان “حوادث مرورية متكررة شهدها الجسر، خاصة خلال مواسم الزيارات الدينية. إذ يتم تسجيل بين 3 و4 وفيات في كل موسم زيارة، جراء سقوط مركبات من الجسر”.  ويؤكد أن “الأهالي ناشدوا الجهات المعنية معالجة مشكلة الجسر، لكنهم لم يلقوا استجابة”.  اما المواطن حسين عادل، فيلفت إلى انه “قبل أيام سقطت مركبة من الجسر وراح ضحية ذلك السائق ومن معه”. إلى ذلك، يقول رئيس مجلس محافظة الديوانية محمد شخير الغانمي، ان طريق النجف - الديوانية مهم وحيوي، وأن الجسر المذكور يربط بين المحافظتين، ويعد ممرا للوافدين من المحافظات الجنوبية والعائدين إليها.

ويوضح في حديث صحفي أن “الطريق حالياً يشهد أعمال تأهيل. وقد خاطبنا دائرة الطرق والجسور بخصوص نصب سياج كونكريتي أو حديدي على الجسر لغرض حماية المركبات من السقوط. كما طالبنا بتزويد الجسر بالإنارة”.

**********************************************

مدينة الثورة زحام خانق أمام لجنة فحص التلاميذ الجدد

متابعة – طريق الشعب

شهدت مدينة الثورة (الصدر)، الأحد الماضي، زحاما خانقا أمام لجنة فحص التلاميذ الجدد لتسجيلهم في المدارس. إذ تجمعت أعداد كبيرة من التلاميذ وأولياء أمورهم أمام اللجنة في انتظار أدوارهم.

ونشرت وكالات أنباء مقطع فيديو تظهر فيه أعداد كبيرة من التلاميذ وأولياء أمورهم في قاعة غير مكيفة، داخل مركز صحي. ويقول مصور الفيديو أن هناك مركزا واحدا في المدينة لفحص التلاميذ، وأن اللجنة الطبية المعنية تعمل فقط يوم الأحد من كل أسبوع وبموظف واحد.

**************************************************

خور الزبير الحصة التموينية تتأخر وبعض موادها سيئ

متابعة – طريق الشعب

يشكو مواطنون ووكلاء تموين في منطقة خور الزبير غربي البصرة، من تأخر صرف مفردات الحصة التموينية عن موعدها المحدد فترة تزيد أحيانا على 10 أيام، وإذا ما تم صرفها فإنها لا تُسلم إليهم كاملة، إنما بشكل متقطع.

وفي حديث صحفي، يقول الوكيل صائب علي يونس، ان السلة الغذائية لا يتم توزيعها شهريا، إنما وفق مواعيد تحددها وزارة التجارة، مضيفا أن بعض المواد يصلهم بنوعية سيئة أحيانا.

ويوضح انه “في الحصة السابعة لهذا العام، تسلمنا 7 مواد، هي: الرز والزيت والعدس والحمص والسكر والطحين والمعجون. أما السلة الغذائية الخاصّة بالمستفيدين من الرعاية الاجتماعية، فتضم الحليب والسكر والطحين الصفر والشاي”.

ويلفت يونس إلى ان صرف الحصة للوكلاء يتأخر أحيانا عن الموعد المحدد. ولا يتم تسليمها دفعة واحدة، إنما مادة كل يومين أو ثلاثة، عدا الطحين الذي يُصرف دفعة واحدة”، مشيرا إلى ان “هناك مواطنين يطالبون بحذف بعض المواد الغذائية غير الضرورية من الحصة التموينية، واستبدالها بأخرى هم بحاجة إليها بشكل أكبر، ومنها مادتا الحمص والعدس اللتان يطالبون باستبدالهما بالفاصوليا والماش. كما يطالبون بزيادة كمية السكر”.

ويضيف قائلا انه “بالنسبة إلى ذوي الرعاية الاجتماعية، يطالبون بحذف الشاي من السلة الغذائية واستبداله بمادة أخرى، كون نوعيته تصل إليهم سيئة جدا”، منوّها إلى ان “العائلة تدفع عن كل مادة غذائية مبلغ 500 دينار”.

*******************************************

أهالي السماوة يشتكون من الكلاب السائبة

متابعة – طريق الشعب

اشتكى مواطنون في مدينة السماوة، من انتشار الكلاب السائبة في الأحياء السكنية بشكل كبير، لا سيما في “حي الضباط”، معربين عن قلقهم على أطفالهم من هجمات تلك الكلاب، التي بعضها مسعور.

وأشار المواطنون إلى انهم يخشون على أبنائهم التلاميذ. إذ يتعرضون لهجمات كلاب اثناء ذهابهم إلى المدارس وعودتهم منها، مبينين أن الظاهرة تفاقمت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، ما يستدعي تدخلا أمنيا.

ولفتوا إلى أن “حي الضباط” يضم 7 مدارس، وان وجود الكلاب السائبة فيه يعرض حياة الطلبة والتلاميذ للخطر، مطالبين الجهات المعنية، بمكافحة تلك الكلاب حفاظا على سلامة الناس.  

*********************************************************

الصفحة السادسة

ضحايا العدوان الصهيوني على لبنان في ارتفاع مستمر ودعوات لوقف الحرب

متابعة – طريق الشعب

ارتفعت حصيلة شهداء العدوان الصهيوني المستمر على المدن اللبنانية، يوم أمس، إلى 51 شهيداً و223 جريحاً، حتى ساعة اعداد التقرير، وأطلق جيش الاحتلال منذ الفجر غارات مستمرة، بالتزامن مع رشقات صاروخية أطلقها حزب الله تجاه المدن الفلسطينية المحتلة، ووصل أحدها إلى موقع استراتيجي تابع لشركة الكهرباء،

ودوت صافرات الانذار في يافا (تل ابيب) بعد وصول صاروخ يستخدم لأول مرة، أطلق عليه قادر 1، قال حزب الله إنه استخدمه لاستهداف مقر قيادة الموساد المسؤول عن جرائم الاغتيال وتفجيرات أجهزة الاتصال البيجر.

تحذير مشترك

حذر العراق ومصر والأردن في بيان مشترك، أمس، من أن الاحتلال الاسرائيلي، يدفع المنطقة إلى حرب شاملة، مع مواصلته الحرب على قطاع غزة، وتصعيده القصف الجوي في لبنان.

واجتمع وزراء خارجية البلدان الثلاثة، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبحثوا التصعيد الخطير في لبنان، مشددين على وقف العدوان على غزة ولبنان. ودعوا مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته لوقف الحرب، محملين الاحتلال مسؤوليته الكاملة عن هذا التدهور، الذي سيكون له تبعات خطيرة على المنطقة برمتها.

هل ستنهي الكلمات الحرب؟

وتشهد منصة الأمم المتحدة، دعوات لوقف الحرب على غزة ولبنان، والاتفاق على وقف إطلاق النار بصورة نهائية، خصوصاً بعد العدوان الذي يشنه الاحتلال الصهيوني حالياً على المدن اللبنانية، إذ قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن "لبنان أضحى على حافة الهاوية".

 بدوره، حذر مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، من أننا "دخلنا تقريبا في حرب شاملة". فيما شدد الرئيس الأميركي، جو بايدن، على أن اندلاع حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط ليس في مصلحة أحد.

ودعا أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الاحتلال الاسرائيلي إلى وقف حربها على لبنان وغزة. وأكد أن تفجير وسائل الاتصالات اللاسلكية في لبنان دون تحديد هوية أو مكان وجود المستهدفين جريمة كبرى.

بدوره قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن حكومة الاحتلال الإسرائيلية تجر المنطقة برمتها للحرب خدمة لمصالحها.

من جانبه، دان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، عجز الأمم المتحدة "غير المبرر ولا المفهوم" أمام إسرائيل.

كما حذر الرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، من خطورة الامتداد الجاري للحرب في قطاع غزة إلى لبنان، مشددا على أن الصراع في قطاع غزة يمتد إلى لبنان "على نحو خطير"، ودعا إلى وقف إطلاق النار.

لا يتوقفون عن ارتكاب المجازر

ورغم ان قيادات الاحتلال لا تعلن صراحة خسارتهم الكبيرة سياسياً وأمنياً، ووجود رفض دولي ومحلي لجرائمهم الواسعة، فأنهم يتحدثون باستمرار عن تصعيدهم ضد فلسطين ولبنان، وفي آخر تصريحات وزير الدفاع المتطرف يوآف غالانت، قال: إنه "رغم تعرض حزب الله اللبناني لضربات قوية وانخفاض معنوياته، فإن إسرائيل يجب أن تأخذ تهديداته بضربها وتدميرها على محمل الجد".

وأكد غالانت -خلال زيارة تدريب للواء السابع مدرعات والكتيبة 202 مظليين- أن "حزب الله اليوم ليس هو حزب الله قبل أسبوع".

وأرجأ رئيس وزراء الاحتلال سفره إلى نيويورك للمرة الثانية، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى اليوم الخميس، في ظل الضربات المستمرة لحزب الله على المدن الفلسطينية المحتلة.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤول سياسي أن جيش الاحتلال يخوض "معارك خطيرة على الجبهة الشمالية".

بدورها، افادت القناة الـ 14 الإسرائيلية بارتفاع نسبته 30 في المائة في توجه الإسرائيليين في الشمال لطلب المساعدة النفسية بسبب حالات الهلع بعد اشتداد القصف من جنوب لبنان.

ونقلت القناة عن أوفير يحزقيلي نائب رئيس بلدية كريات شمونة بالشمال قوله إن المدارس أغلقت بسبب التطورات الأمنية ودوي صفارات الإنذار المستمر.

وقال المسؤول الإسرائيلي إن المستشفيات استقبلت منذ صباح أمس 20 مصابا تتراوح إصاباتهم بين جروح طفيفة ومتوسطة.

******************************************************

الاحتلال يتعمد منع إيصال المساعدات الأمم المتحدة: الوضع في غزة  "كابوس يهدد المنطقة"

متابعة – طريق الشعب

ارتفعت حصيلة شهداء العدوان الصهيوني الغادر على قطاع غزة إلى أكثر من 41 ألف ووصل عدد الجرحى إلى نحو 100 ألف، ويومي الثلاثاء وأمس الاربعاء، استشهد ما لا يقل عن 70 فلسطينيا على الأقل، مع استمرار القصف على مختلف مدن قطاع غزة.

كابوس يهدد المنطقة

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، منددا بالوضع هناك ووصفه بـ "كابوس دائم يهدد المنطقة برمتها".

وقال غوتيريش خلال كلمته الافتتاحية لأعمال الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن سرعة وحجم الموت والدمار في غزة وصلا إلى مستويات غير مسبوقة، وإن أكثر من 200 من موظفي الأمم المتحدة قتلوا خلال الهجمات الإسرائيلية على القطاع.

وشدد غوتيريش على وجوب تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى وحل الدولتين.

وتابع، "أريد أن أسأل الذين يعيقون هذا الهدف من خلال بناء المزيد من المستوطنات ومصادرة الأراضي وزيادة العنف: ما هو البديل؟ كيف يمكن للعالم أن يقبل حل الدولة الواحدة (إسرائيل فقط) الذي يدمر حرية وحقوق وكرامة الكثير من الفلسطينيين؟"

تتعمد في منع المساعدات

قال موقع بروبابليكا الأمريكي للصحافة الاستقصائية إن الاحتلال الإسرائيلي، منع عمداً وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ووفقاً للموقع، فإن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، قدمت تقييماً مفصلاً لوزير الخارجية الأمريكية حول سلوك الاحتلال، وتضمن تدخلاً في جهود الإغاثة مثل قتل عمال الإغاثة وتدمير المباني الزراعية وقصف سيارات الإسعاف والمستشفيات. لكن الوزير قال: " لا توجد أدلة حالياً!"

وحصل الموقع على مذكرة من الوكالة صادرة في نيسان الماضي والتي أوصت بوقف إرسال السلاح إلى الإسرائيليين بسبب عرقلة جهود الإغاثة، إلى جانب عدد من الأدلة التي استشهد بها المسؤولون لدعم النتائج التي وصلوا إليها.

وتوصلت وكالة مكتب السكان واللاجئين التابعة لوزارة الخارجية، إلى نفس الاستنتاج، وأشار مسؤولو المكتب إلى أن الاحتلال أعاق بشكل منهجي عمليات تسليم المساعدات، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

وأقر المكتب، إلى أنه يجب تفعيل قانون المساعدات الخارجية لتجميد ما يقرب من 830 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب المخصصة للأسلحة والقنابل لإسرائيل، وفقا لرسائل البريد الإلكتروني التي حصل عليها "بروبابليكا".

جثث بلا هوية!

وفي إطار سلسلة جرائم الاحتلال الصهيوني، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس، رفضها استلام 88 جثمانا أرسلها الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن لم يوفر بيانات تدل على أصحابها وأماكن انتشالها.

وطالبت الوزارة، بالحصول على المعلومات التي تمكن ذويهم من التعرف عليهم، داعية الصليب الأحمر إلى القيام بمهامه ضمن البروتوكول المعمول به دوليا بخصوص استلام وتسليم الجثامين.

كما طالبت بإحضار بيانات وتفاصيل كل جثمان، من حيث الأعمار والمناطق التي أُخذ منها، حسب المعايير الإنسانية والدولية وبما يحفظ الحقوق والكرامة.

***********************************************

سريلانكا.. تعيين سيدة على رأس الحكومة الجديدة

كولومبو- وكالات

عيّن رئيس سريلانكا المنتخب الماركسي أنورا كومارا عضوة البرلمان من حزبه هريني أماراسوريه في منصب رئيسة الوزراء، كما عيّن مجلس وزراء يضم أعضاء من حزبه أيضا.

وجاءت تعيينات الرئيس الجديد بعد وعود أطلقها خلال حملته الانتخابية الرئاسية بحل البرلمان بعد تعيين مجلس الوزراء، بما يتوافق مع الدستور.

وتعد أمراسوريه ثالث امرأة تتولى منصب رئاسة الوزراء في سريلانكا، التي تتمتع بأسبقية انتخاب أول رئيسة وزراء في العالم، عندما انتخبت سريمافو بانداراناياكه عام 1960.

وعدت مديرة البرامج في مجموعة المرأة والإعلام سيبإلى كوتاجوده أن تعيين هريني أمراسوريه رئيسة للوزراء خطوة جيدة، وقالت: "لديها رؤية سياسية جيدة".

وتعتقد كوتاجوده أنه إذا اتخذت الأحزاب السياسية خطوات لترشيح ناشطاتها، فإن عدد الأعضاء النساء في البرلمان سيزداد، وأضافت أن لدى حزب قوة الشعب الوطني فرصة لزيادة عدد الأعضاء النساء في البرلمان، لأنه نظّم جناحه النسائي بشكل جيد في السنوات الأخيرة.

*************************************************

الرئيس الإيراني: مستعدون للتعاون بشأن النووي

نيويورك - وكالات

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الثلاثاء، إن "طهران مستعدة لإنهاء الأزمة النووية مع الغرب ودعا إلى إنهاء حرب أوكرانيا عبر الحوار ومعاقبة إسرائيل على ما ارتكبته من جرائم في لبنان وغزة".

وقال إن بلاده على استعداد للتعامل مع المشاركين بالاتفاق النووي إذا تم تنفيذ الالتزامات بشكل كامل وبحسن نية.

وانتقد بزشكيان في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحد، الاحتلال الاسرائيلي وقال إنه "ارتكب إبادة جماعية في غزة" وإن الحرب في القطاع يجب أن تتوقف فورا.

وأكد أن الاحتلال "هُزم في غزة ولن تتمكن أي كمية من العنف الوحشي من استعادة أسطورة قوتها التي لا تقهر". واعتبر أن ما وصفه بالإرهاب الإسرائيلي في لبنان لا يمكن أن يمر دون رد.

وأضاف "نريد السلام للجميع ولا نسعى إلى الحرب أو الخلاف مع أي طرف". وأشار إلى أن "إيران لم تبدأ حربا قط بل دافعت عن نفسها ببسالة ضد العدوان الخارجي"، وفق تعبيره.

*************************************************

حقائق وأرقام الإنفاق العالمي الراهن على الأسلحة النووية

عادل محمد

تضم الحملة العالمية لإلغاء الأسلحة النووية، التي تأسست في عام 2007، أكثر من 440 منظمة في 100 دولة. وللحملة 500 منظمة شريكة في 103 دولة في جميع انحاء العالم. تلتزم الحملة بالتفاهم الدولي والالتزام بحظر الأسلحة النووية ونزع السلاح والسلام. وتمثل طرفا فاعلا في حركة السلام العالمية، فهي تسعى لعالم يتعامل مع الصراعات بطريقة سلمية، على أساس احترام الكرامة الإنسانية. وتشارك الحملة مع منظمات أخرى، بتنظيم حملات وفعاليات تثقيف سياسي. وإقامة ورش لتأهيل الشباب الناشطين سياسيا. وتخوض الحملة ومنظماتها الأعضاء حوارات سياسية مع الحكومات والبرلمانات ووسائل الإعلام. وحصلت الحملة على جائزة نوبل للسلام لعام 2017، وهو العام الذي أقرت الأمم المتحدة معاهدة تحظر الأسلحة النووية.

وفي إطار أسبوع نشاط عالمي، في أيام 16 – 24 أيلول 2024، احتجت فروع الحملة مع الشركاء في حركة السلام العالمية، وتحت شعار "لا أموال للأسلحة النووية"! ضد الإنفاق الهائل على إنتاج الأسلحة النووية، ودعت إلى إلغاء الأسلحة النووية وإلى وضع حد للإهدار الهائل للموارد على أسلحة الدمار الشامل الخطيرة والمحظور دوليا.

في المانيا مثلا ترتفع تكاليف إدامة الأسلحة النووية الأمريكية، والمرافق الضرورية لاستخدامها. وفي هذا السياق يتم توسيع موقع "بوشل" للأسلحة النووية بكلفة تصل إلى 1,2 مليار يورو. بالإضافة إلى متطلبات إضافية متوقعة تزيد على 645 مليون يورو. وأحدث التوقعات تشير إلى إمكانيات رصد تكاليف انفجارية. ومن غير المرجح أيضًا أن يظل شراء قاذفات "اف 35" النووية الأمريكية عند مستوى سعرها المذهل 10 مليارات يورو.

تكلفة الأسلحة النووية في عام 2023

في العام الماضي فقط، أنفقت الدول النووية التسع مبلغاً خرافياً بلغ 2898 دولاراً في الثانية على أسلحتها النووية. وهذا يعادل 91,4 مليار دولار على مستوى العالم، وهو رقم خرافي نظراً للتحديات العالمية مثل تغير المناخ والفقر والأزمات الإنسانية، اذ يمكن استخدام هذه الأموال لتوفير اللقاحات أو المياه النظيفة أو الطاقة المستدامة لملايين من البشر:

الصين: 11.9 مليار دولار (22,546 دولارًا في الدقيقة، 376 دولارًا في الثانية الولايات المتحدة: 51.5 مليار دولار (97,983 دولاراً في الدقيقة، 1,663 دولاراً في الثانية)، روسيا: 8.3 مليار دولار (15808 دولاراً في الدقيقة، 263 دولاراً في الثانية)، المملكة المتحدة: 8.1 مليار دولار (15,331 دولارًا في الدقيقة، 256 دولارًا في الثانية)، فرنسا: 6.1 مليار دولار (11.531 دولارًا في الدقيقة، 192 دولارًا في الثانية)، الهند: 2.6 مليار دولار (5057 دولاراً في الدقيقة، 84 دولاراً في الثانية)، إسرائيل: 1.1 مليار دولار (2075 دولاراً في الدقيقة، 35 دولاراً في الثانية)، باكستان: 1 مليار دولار (1,924 دولاراً في الدقيقة، 32 دولاراً في الثانية)، كوريا الشمالية: 856 مليون دولار (1629 دولاراً في الدقيقة، 27 دولاراً في الثانية).

في العديد من الدول النووية، يتم تطوير أسلحة جديدة من قبل شركات خاصة. ويعاني مجمع صناعة الأسلحة النووية المترامي الأطراف باستمرار من تجاوز التكاليف ومشاكل السلامة وضعف تقييمات الأداء. وبالإضافة إلى ذلك، يتم إنفاق موارد هائلة على ممارسة الضغط السياسي. وتشارك مؤسسات مالية ألمانية مثل "أليانس" ومجموعة "ديكا" في انتاج الأسلحة النووية.

مقارنات

إن هذا الإنفاق لا يمكن وصفه بغير المقبول أخلاقيا فقط، بل هو أيضا هدر غير مسؤول يصرف الانتباه عن المشاكل الإنسانية الأكثر إلحاحا. ولتوضيح سوء استخدام الأموال على نطاق واسع، يقدم التقرير الحملة العالمية الجديد المقارنات التالية:

ثانية واحدة من الإنفاق على الأسلحة النووية يمكن أن تمول 16.994 لقاحًا، دقيقة واحدة من الإنفاق تعادل تكلفة زراعة مليون شجرة، ساعة واحدة من هذا الإنفاق يمكن أن تزود 535 منزلاً بالطاقة الشمسية، اليوم الواحد تكلفة بناء 125 ملعب كرة قدم، أسبوع واحد يمكن أن يزود 27 مليون شخص بالمياه النظيفة لمدة عام، سنة واحدة من الإنفاق على الأسلحة النووية يمكن أن تطعم 45 مليون إنسان يتضورون جوعا لمدة 13 عاما.

*****************************************************

الصفحة السابعة

في كركوك.. عن المخالفات الدستورية في تعديل قانون الأحوال الشخصية

 كركوك – طريق الشعب

شاركت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في كركوك في ندوة حوارية حول المخالفات الدستورية في مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، عقدتها "جمعية الأمل" العراقية واتحاد نساء كردستان أول أمس الثلاثاء.  الندوة التي حضرها جمع من الناشطين والمهتمين في الشأنين القانوني والاجتماعي، تحدث فيها الرفيق الحقوقي عماد الداودي عن التعديل المقترح على قانون الأحوال الشخصية النافذ، ومخالفاته للدستور العراقي، فضلا عن آثاره السلبية على الأسرة والمجتمع.

ثم قدم تفسيرا لمواد التعديل، وكيف انها تهمش دور القضاء في الفصل بين النزاعات في حالات الزواج والطلاق والميراث، إلى جانب تهميش دور البرلمان في تشريع القوانين، لافتا إلى ان التعديل يعطي الأولوية في الفصل بين تلك النزاعات وفي التشريعات التي تخص الأحوال الشخصية، إلى رجال الدين عبر تقديم مدونات خاصة بذلك.   وأشار الداودي إلى ان التعديل يسلب حقوق المرأة ويضر بالطفل ويقيد حريته. كما يجعل العراق مخالفا للعديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقع عليها، وأبرزها "اتفاقية سيداو" للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتي وقع عليها العراق عام 1986.

وتخللت الندوة مداخلات ساهم فيها عديد من الحاضرين.

************************************************************

لمحة إلى مكانة المرأة عند العرب قبل الإسلام

 مسلم عوينة

 

نظر العرب قبل الإسلام إلى المرأة باعتبارها مصدر الحب والجمال والمتعة، كما أنهم وجدوها عالماً مكتظاً بالفرح، والحزن، والخصب، والجدب، ودنيا تتسع لكل امتدادات الحياة والموت، وإلى جانب هذا كله فهي مالكة القدرة الخارقة على ولادة الحياة الجديدة، قدرتها على الإنجاب، وهذا ما دفع الأقدمين إلى جعل إلاهتهم أنثى، ومنحوها مسؤولية الإخصاب، والولادة، والخضرة، والوفرة، والخير، وكل شيء ينطوي على الفائدة، فقال شاعرهم:

أينما كنتِ أو حللتِ بأرضٍ،

أو بلادٍ أحييتِ تلكَ البلادا

- فلن تستقيم حياة الرجل بعيداً عن المرأة، ولن يتعزز الكيان الاجتماعي أو يتعاضد دون أن تحتلّ المرأة فيه موضع القلب من الجسد. وقد دفعت المكانة السامية هذه، العديد من المفكرين إلى القناعة بأنّ العرب في الأزمنة القديمة اتّبعوا نظام الأمومة، فالعربي يتوق إلى المرأة ويُشقى بها ويسعى إلى مرضاتها، إذ كانت لها القدرة على الفعل الحاسم والسلطان على الناس وعلى الأنواء والفصول والحياة والموت والخلود، ولم يشعر أحدٌ بالعيب من حب المرأة وقد ينسى الشاعر ألّافَهُ وسائر لذّاتِهِ إلّا المرأة، وزهير بن ابي سلمى خير الشهود على ذلك:

  وعن كلّ أخدانٍ وإلفٍ ولذّةٍ

  سلوتُ وما أسلو عن ابنةِ مَدْلجِ

-  فكأنّ حياة الرجل موصولةٌ بحياتها، يحيا بحياتها ويموت بموتها، ورأى الجاحظ أن " ما مات أحدٌ في حبّ والديه، أو ولده، أو ثروته أو بيته، كما رأيناهم يموتون من عشق النساء " فكان العربي آنئذٍ يصوّر المرأة وكأنها إلاهةٌ للجمال والنظر اليها كالنظر إلى الماء المنساب أو الإكحال بالأثمد، ويبدو أنّ سلطانها يُنسي الرجل نفسه، فتىً كان أم شيخا، سيداً أم مسوداً، حتى أنهم قالوا (كلّ أمرئ في بيته صبي)، ولم يقتصر سلطان المرأة على زمن ما قبل الإسلام بل امتدّ إلى ما بعده من العصور، فرغم غلظة الحجاج بن يوسف الثقفي وقسوته اللامحدودة، قال " والله لربما رأيتني أقبّل رجل احداهن،

- والأفكار الحديثة تجعل للحياة منحيين، منحى الحب، وهو القلب، واعتبروه الباعث الأقوى للإبداع في الشعر، فدأبت قصائدهم بالابتداء بوصف ديار الحبيبة وما بقي من أطلالها معبّراً عن رسوخها في الذاكرة، وتشبيهها بالظبية أو الغزال، أو الشمس، أو القمر، إذ توحي أعماقه أن المرأة أعظم من كل التشبيهات وأن اقترانها بالحياة متحدّرٌ من قدرتها الطبيعية على الإنجاب، فهي مصنع الحياة، والمحافظة على النوع، فلا تدع العدم يحيق بالوجود. وقد أنكر الكثير من عرب ما قبل الإسلام الاستئثار بحق الإرث، وعموماً أنهم عرفوا قدر المرأة وفضلها، فهي الأم وهي الزوجة، والأخت والحبيبة، إنها أصل الإنسان، فهي التي ولدته فهي الأم، وقالوا: أم الكتاب: فاتحته، وأم النجوم: المجرّة، وأم القرى: مكة وأم الرأس: الدماغ، وأم حائل: الناقة، والأمومة أقرب إلى النفس، والعواطف، والأحاسيس من الأبوّة، فهي منبت المحبة والرضا والسلام وقد انتسب بعض الشعراء إلى امهاتهم، قال لبيد:

 نحن بني أم البنين الأربعة،

 ونحن خير عامر بن صعصعة 

- وقد شاعت لدى البعض المفردات المؤنثة مثل البطن، والفخذ، والرحم. وما تركيز الاهتمام بالأم إلّا تعبير عن تركيز العناية بالمرأة، فهي الحبيبة، وأم العيال، وعتبة الدار ورفيقة الحياة، وصندوق الأسرار، وما أن أشرق الإسلام حتى وضع الجنة تحت أقدام الأم. أي أنها تحت أقدام المرأة ولا أحد سواها. فانتبهوا إلى أنفسكم حين التعامل مع المرأة كي يعم الخير والرغد.

- وفي تاريخ العراق المعاصر، صدر قانون الأحوال الشخصية 188 لسنة 1959 الذي اعتُبِر القانون الأكثر تقدماً في الشرق الأوسط من حيث الحقوق التي منحها للمرأة تحقيقاً للعدالة. فكفّوا محاولاتكم للتلاعب بهذا القانون الذي صان الحقوق وثبّت العدل، ولا تؤدي محاولاتكم إلّا إلى إحداث الشروخ في البناء الاجتماعي، بتكريس الطائفية المقيتة والاعتداء على حقوق المرأة. وإذا بلغ الصلف إلى إقرار مقترحات التعديل المعلنة فلن يمضي وقت طويل حتى يحلَّ يوم إلغائها.

************************************************

شيوعيو الرصافة الأولى يتحدثون لأهالي الكرادة عن مساوئ تعديل قانون الأحوال 

بغداد ـ طريق الشعب

 

نظمت محلية الرصافة الأولى للحزب الشيوعي العراقي، أمس الأول الثلاثاء، مسيرة جوالة في منطقة الكرادة داخل بغداد، وزعت خلالها بيان تحالف 188 وأوضحت للمواطنين الآثار السيئة لتعديل قانون الأحوال الشخصية. 

المسيرة الجوالة التي شارك فيها عضو اللجنة المركزية للحزب، محمود سعدون، جابت شوارع الكرادة، التقت بالعديد من المواطنين، وناقشت معهم آثار التعديل الذي يعتزم مجلس النواب إدخاله على قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959، والمشاكل التي ستواجهها العوائل العراقية وتحديدًا فيما يتعلق بحقوق المرأة والطفل. 

*****************************************************

هيئة مقرات "الشيوعي العراقي" تشرح للمواطنين أسباب رفض تعديل قانون الأحوال

بغداد ـ طريق الشعب

 

نظمت هيئة المقرات التابعة للحزب الشيوعي العراقي، طاولة اعلامية في ساحة الأندلس ببغداد. وزعت خلالها بيان يتضمن موقف تحالف 188 المعارض لتعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ.

وشرح الرفاق المشاركين في الطاولة، للمواطنين، مخاطر تعديل قانون الأحوال الشخصية، والاضرار المترتبة من خلالها على المجتمع، وما تكرسه من انقسامات وترسيخ الانتماءات الثانوية على حساب المواطنة.

وتستمر تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي في تنظيم الطاولات الإعلامية والمسيرات الراجلة، لتعريف المواطنين بمخاطر تعديل القانون، وضرورة رفض تقسيم المجتمع الى طوائف من خلال التلاعب بالقوانين والتجاوز على الدستور الذي أكد على المساواة بين العراقيين.

*****************************************************

شيوعيو السماوة يقيمون طاولة إعلامية ويوضحون للمواطنين مشاكل تعديل قانون الأحوال 

المثنى ـ عبد الحسن السماوي

 

نظمت محلية السماوة في اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة المثنى، أمس الأول الثلاثاء، طاولة إعلامية بالقرب من تقاطع السينما وسط مدينة السماوة، جرى خلالها حوار مفتوح مع المواطنين عن الأوضاع السياسية ومشاكل تعديل قانون الأحوال الشخصية. 

وقام رفاق الطاولة بتوزيع أعداد من جريدة "طريق الشعب" على المواطنين، تتضمن مواقف الحزب من تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188، فضلاً عن حوار مفتوح بين الرفاق القائمين على الطاولة والمواطنين حول الوضع السياسي في البلد، ومحاولات تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 وموقف الحزب الرافض للتعديل.

***************************************************

الصفحة الثامنة

لحظة عمالية.. حقوق العمال من يدافع عنها؟

نورس حسن

حكمت محكمة التمييز مؤخرًا لمصلحة إحدى عاملات القطاع الخاص، بعد أن كانت محكمة العمل قد رفضت دعواها وفرضت عليها تكاليف إضافية تشمل رسوم الدعوى وأتعاب المحاماة. وتعكس هذه القضية التحديات الكبيرة التي يواجهها عمال القطاع الخاص، الذين يعانون من انتهاكات واسعة النطاق، إضافةً إلى عقبات كبيرة عند لجوئهم إلى الجهات القضائية، طلبا لحماية حقوقهم.

وعلى الرغم من أن الدستور وقانون العمل يكفلان حرية تشكيل النقابات والاتحادات العمالية، إلا أن العديد من عمال القطاع الخاص يتجنبون الانضمام إليها، بسبب مخاوفهم من غضب أصحاب العمل عليهم وطردهم منه، أو لأنهم يرون هذه النقابات أقرب الى "مكاتب سفر" لا تفعل شيئًا لدعمهم.

ويطرح هذا الواقع تساؤلاً مشروعًا: ما الذي حققته هذه النقابات واتحاداتها فعليًا في مجال الدفاع عن حقوق العمال بعد عام 2003؟

وتعاني الاتحادات والنقابات العمالية أيضًا من تشرذم المواقف وضعف الإمكانيات نتيجة القيود الحكومية المفروضة على النشاط النقابي. فالجهات التشريعية تحاول قدر الإمكان تجنب الحوار مع النقابات العمالية، وتتصرف في ما يخص التشريعات العمالية بعيدا عنها.

ولكن تدخلا من جانب منظمة العمل الدولية أخيرا، فرض على الجهات المذكورة التحاور مع جميع المعنيين بقانون حرية العمل النقابي، بعد ان رفض أولا مسودة القانون المهيأة من قبل لجنة العمل البرلمانية، والتي كانت قد قرأت في مجلس النواب قراءة أولى.

من جانب آخر يمكن للقضاء ان يلعب دورًا هامًا في حماية حقوق العمال، غير ان عدد القضايا التي تنظرها المحاكم سنويًا لا يتجاوز 2000 قضية، وهو رقم ضئيل مقارنةً بالانتهاكات اليومية التي يتعرض العمال لها. كما ان قضايا العمل والعمال تتعرض لتأخيرات طويلة، وقد تتجاوز فترات الانتظار بين جلسة وأخرى للمحاكم أربعة أشهر، مما يدفع العديد من العمال الذين يعتمدون في معيشتهم على ما يتقاضون من أجور يومية، إلى سحب قضاياهم والبحث عن فرص عمل جديدة دون الحصول على حقوقهم.

وفي كل الأحوال تقع مسؤولية الدفاع عن حقوق العمال بالدرجة الأولى على عاتق النقابات العمالية، التي لا مهمة لها أكثر أهميةً وسمواً من مهمة حفظ الحقوق العمالية. فهل تشمّر هذه النقابات واتحاداتها عن سواعدها وتنهض بواجباتها تجاه العمال، وبما يجعلهم يلتفون حولها ويدافعون بأنفسهم عن حقوقهم ومصالحهم بدعم منها وتحت قيادتها؟ 

**********************************************

وسط تحديات رسوم المحاكم المرتفعة وتأخر حسم قضايا العمال عاملة ترفع دعوى ضد صاحب معمل ومحكمة التمييز تنتصر لحقوقها

بغداد – طريق الشعب

أصدرت محكمة التمييز الاتحادية مؤخرًا قرارًا في دعوى إحدى العاملات في القطاع الخاص ضد رب عملها، الذي امتنع عن منحها مكافأة نهاية الخدمة بعد سنوات طويلة من العمل.

عاملة تطالب بحقوقها

وأوضحت المحكمة في قرارها، الذي اطلعت عليه "طريق الشعب"، أن "المدعية عملت لدى المدعى عليه منذ عام 1999 حتى استقالتها في عام 2022. وعندما طلبت صرف مكافأة نهاية الخدمة، رفض المدعى عليه ذلك دون أي سند قانوني".

كما أشارت المحكمة إلى أن "محكمة العمل أصدرت حكمًا في 28 نيسان 2024 برد دعوى المدعية، مما ألزمها بدفع الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة". وأضاف القرار أن "المدعية لم تقبل بالحكم وطعنت فيه تمييزًا، مطالبةً بنقضه للأسباب المذكورة في لائحة وكيلها".

قرار محكمة التمييز

وأكد القرار أن "المدعية تستحق مكافأة نهاية الخدمة وفقًا لأحكام المادة 45 من قانون العمل رقم 37 لسنة 2015، وأنه كان يجب على محكمة العمل عرض القضية على خبير قضائي أو أكثر لتقدير التعويض المناسب، خاصة وأن خدمتها تجاوزت العام. لذا، تقرر نقض الحكم وإعادة الدعوى إلى محكمة العمل للسير فيها".

عاملة تشكو من انتهاكات أرباب العمل

تعتبر المدعية واحدة من آلاف عمال القطاع الخاص الذين يعانون من عدم إنصاف أرباب العمل بسبب ضعف الرقابة القانونية.

تقول سارة ليث، وهي عاملة في أحد المراكز التجارية، إنها تتقاضى راتبًا شهريًا قدره 400 ألف دينار مقابل 12 ساعة عمل يوميًا. وتذكر لـ"طريق الشعب" أن "صاحب العمل سرح العديد من العاملين دون تعويض، رغم أن الكثير منهم يعملون منذ سنوات عديدة وهم غير مشمولين بالضمان الاجتماعي للعمال".

وعن سبب عزوف العمال عن رفع الدعاوى القانونية، تفيد سارة أن "رفع الدعوى يتطلب تكاليف مالية كبيرة، ومعظم العمال يتقاضون أجورًا بسيطة، أو تم الاستغناء عن خدماتهم، مما يجعلهم يعانون من ضعف الإمكانيات المادية". وتضيف أن "حسم القضايا القانونية يستغرق وقتًا طويلاً، مما يجبر العمال على سحب الدعاوى والبحث عن فرص عمل جديدة".

زخم الدعوى القانونية

من جانبه، أكد المحامي المختص في الشأن العمالي، مصطفى قصي، لـ"طريق الشعب"، أنه "بعد إقرار قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، زاد إقبالهم على رفع القضايا ضد انتهاكات أرباب العمل للمطالبة بحقوقهم المالية".

 كما أشار إلى أن "عدد الدعاوى التي تستقبلها محكمة الرصافة يتجاوز 2000 دعوى سنويًا، مما تطلب فتح محكمة أخرى في الكرخ، ولكن لا يسمح بتحويل الدعاوى من محكمة الرصافة إليها، مما يؤدي إلى زيادة الزخم في المحكمة الأخيرة".

ونبه المحامي قصي إلى أن "عدد قضايا العمل لا يتناسب مع حجم الانتهاكات التي يتعرض لها العمال"، مشددًا على "ضرورة توعية العمال بقانون العمل والتنظيم النقابي لضمان حصولهم على حقوقهم". وحول تأخير حسم قضايا العمال، أشار إلى "حجم الضغط الذي تعاني منه محاكم العمل، مما يستدعي توسيع فروعها".

تأخير في حسم القضايا

بدوره، أفاد الأمين العام لاتحاد نقابات عمال العراق، عدنان الصفار، أنه "رغم التأكيد القانوني على أن قضايا العمال يجب أن تُنجز بسرعة، إلا أن الواقع يخالف ما ينص عليه قانون العمل الحالي". وأضاف في حديثه مع "طريق الشعب" أن "التأخير في حسم قضايا العمال أثر سلبًا على مواقف العديد منهم في رفع الشكاوى القانونية ضد أرباب العمل لاستعادة حقوقهم".

وأشار الصفار إلى تشكيل محكمة العمل، موضحًا أن المحكمة كانت ثلاثية قبل أن تعترض المحكمة الاتحادية، مما أدى إلى إلغاء عضوية ممثلي العمال وأصحاب العمل بحجة عدم قانونيتها.

وفيما يتعلق برسوم إقامة الدعوى، ذكر الصفار أن "المادة 66 من قانون العمل تعفي العمال والنقابات من دفع الرسوم، كما تؤكد الفقرة الثالثة من المادة ذاتها أن قضايا العمل تعتبر دعاوى مستعجلة". ورغم ذلك، أشار إلى أن ما يتعرض له العمال يتنافى مع قانون العمل، رغم حرص محكمة العمل على حسم القضايا لصالحهم. ويرى الصفار أن ارتفاع عدد قضايا العمال "يعكس تزايد الوعي بين العمال الذي يتطور مع مرور الوقت".

وزارة العمل تتحمل المسؤولية

وعن رسوم محكمة العمل، دعا الصفار إلى ضرورة دعم إجراءات المحكمة إداريًا من قبل الحكومة، لتمكين العمال من رفع الشكاوى القانونية، وبالتالي تقليل الانتهاكات. وأكد على أهمية تعزيز الرقابة القانونية والحكومية على سير العمل في شركات القطاع الخاص لمنع أي تجاوزات قانونية.

في الختام، حمل نائب الأمين العام لاتحاد نقابات عمال العراق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مسؤولية استمرار أرباب العمل في تجاهل البنود القانونية لقانون العمل، مما يسلب حقوق العمال دون تعويضات مناسبة.

************************************************

نقابة العمال ترفض عرض بوينغ الجديد لإنهاء الإضراب

متابعة – طريق الشعب

رفض المسؤولون النقابيون عرض شركة بوينغ الأميركية الذي يقضي بزيادة أجور العمال بنسبة 30 بالمائة بهدف إنهاء الإضراب الذي بدأ قبل أكثر من عشرة أيام، مؤكدين أنهم لن يعرضوا هذا المقترح على العمال للتصويت.

في رسالة إلى الأعضاء، أوضح المسؤولون القائمون على المفاوضات مع إدارة الشركة أن "هذا العرض غير كافٍ لمواجهة مخاوفنا، وقد أخطأت بوينغ في تقديرها". وشددوا على أن مديري الشركة "يسعون لزرع الفتنة بين أعضائنا وإضعاف تضامننا من خلال هذه السياسة التفريقية".

وأصدر عمال الشركة بيانًا قالوا فيه: "قمنا بتقديم العرض إلى النقابة وشاركنا عمالنا التفاصيل بشفافية". وأضافوا: "ناقشنا بنية طيبة مع نقابة 'آي إيه أم' منذ بدء المفاوضات الرسمية في مارس".

وقد منحت الشركة العمال مهلة حتى منتصف ليل الجمعة للمصادقة على المقترح، واصفة إياه بأنه "الأفضل والأخير". كما أكدت "الرابطة الدولية للميكانيكيين وعمال الفضاء الجوي" أن المهلة التي حددتها بوينغ لا تتيح وقتًا كافيًا لمناقشة الاقتراح مع العمال والتصويت عليه.

يُذكر أن نحو 33 ألف عامل من المنتسبين إلى الرابطة بدأوا إضرابًا في 13 سبتمبر بعد رفضهم عرضًا سابقًا من الشركة، مما أدى إلى إغلاق مصانع تجميع طائرات "737 ماكس" و"777".

************************************************

نقابة العمال في البصرة تدعو السباكين في "أم البروم" للانضمام إليها

متابعة – طريق الشعب

اجتمع السباكون في ساحة "أم البروم" بالقرب من تمثال العامل، وهو المكان المعتاد للتفاوض مع الأسطوات، حيث يشتكون من قلة فرص العمل. بعضهم لا يحصل على فرصة عمل لمدة تصل إلى خمسة أيام متتالية.

 تتراوح أجور السباكين بين 15 و30 ألف دينار للأعمال المنزلية، بينما قد تصل إلى 100-500 ألف دينار في المجمعات التجارية والشركات، إذا توافرت فرصة العمل.

يستغرب ياسر معارج، الناطق باسم نقابة العمال في محافظة البصرة، من عدم تسجيل العمال في النقابة، رغم الفوائد العديدة التي يمكن أن يحصلوا عليها، مثل فرص العمل والضمان الاجتماعي والخصومات في العيادات والمدارس.

أحمد ضياء، سباك، يقول: "مكان تجمعنا في أم البروم معروف للجميع. نعمل في المنازل والعيادات والمستشفيات، ولكن الأجر غير ثابت. منذ ثلاثة أيام، كانت أجرتي 15 ألف دينار فقط، ولا يزال الكثيرون ينتظرون في الساحة بلا عمل".

وعن النقابة، يضيف ضياء: "لا نعرف شيئًا عنها ولم ألتقِ بأحد من أعضائها. لا أدري ما هي الفائدة لنا كعمال".

من جهته، يوضح ياسر معارج: "نقوم بزيارات دورية لعمال 'أم البروم'، خاصة في المناسبات. نقدم لهم هدايا ونوعيهم بحقوقهم. ولكنهم لا يظهرون اهتمامًا كافيًا بالانضمام إلى النقابة".

*************************************************

تراجع إقبال النساء على العمل في القطاع الخاص

بغداد – طريق الشعب

تفضل معظم النساء العاملات في العراق العمل في وظائف حكومية أو إدارة أعمالهن الخاصة بعيداً عن إشراف الرجال، وذلك بسبب ارتفاع حالات التحرش وقلة الأجور وزيادة ساعات العمل وغيرها من العوامل التي تدفعهن إلى تجنب العمل في القطاع الخاص.

الإحصائيات المتعلقة بعمل النساء

ووفقًا لإحصائيات منظمة العمل الدولية، يبلغ عدد النساء في سن العمل في العراق حوالي 13 مليون امرأة، لكن هناك مليون إمرأة منهن فقط من يمارسن العمل الفعلي، حيث تعمل 70بالمائة منهن في القطاع الحكومي، ولا يتجاوز عدد النساء العاملات في القطاع الخاص 300 ألف امرأة.

تجارب النساء العاملات

تؤكد نور فراس، إحدى النساء اللواتي تركن العمل في القطاع الخاص، أن هناك خوفاً متزايداً بين النساء من الانخراط في هذا القطاع وتشير إلى أن " بعض أصحاب العمل يبتز العاملات مقابل قبولهن في الوظائف بأجور مرتفعة، وفي حال رفضهن، يتم تقليل الراتب إلى النصف، وهذا ما تعرضت له شخصياً." بعد تجربتها، انتقلت نور إلى العمل في المنزل في صناعة المعجنات والحلويات وبيعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وتؤكد أن العديد من النساء يفضلن الوظائف الحكومية لتفادي الابتزاز والتمييز، ولوجود قوانين تنظم العمل وتحفظ حقوق الموظف.

جهود الحكومة والمبادرات الداعمة

ويشير هيثم الشمري، عضو مكتب حقوق الإنسان في محافظة ديالى، إلى أن انخفاض معدل النساء العاملات في القطاع الخاص يعد مؤشراً خطيراً، وينبغي تعزيز جهود الحكومة لتوفير بيئة عمل مريحة للنساء في هذا القطاع.

وفي تصريح له، أوضح المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي أنه "على الرغم من إطلاق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العديد من القروض لدعم المشاريع الصغيرة، تظل نسبة النساء العاملات في القطاع الحكومي مرتفعة، حيث تصل إلى 81 بالمائة". وأضاف أن هناك تحسناً ملحوظا في إقبال النساء على العمل في القطاع الخاص في السنوات الأخيرة، خاصة بعد إطلاق مبادرات دعم متعددة.

التحديات العامة للمرأة العاملة

من جانبها، تشير ريا فائق، المدير التنفيذي لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، إلى أن المرأة العاملة تواجه تحديات متعددة مثل التمييز في بيئة العمل، وعدم المساواة في الأجور، وضعف فرص التدريب والتطوير المهني، إضافة إلى الضغوط الاجتماعية والثقافية.

وتؤكد فائق أن التحديات الحالية تشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق التوازن بين الجنسين وتعزيز حقوق المرأة في المجتمع. وتدعو إلى جهود جماعية لتحسين التشريعات والسياسات، وزيادة الوعي بأهمية دور المرأة في جميع القطاعات.

وتوضح فائق أن المرأة قد تواجه مضايقات وتحرشاً جنسياً في مكان العمل، مما يجعل البيئة غير آمنة. كما تواجه المرأة فجوة في الأجور مقارنة بالرجال، وقد تعاني من صعوبة في الحصول على الترقيات بسبب التمييز. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون عقود العمل في القطاع الخاص غير مستقرة، مما يعرض المرأة لخطر فقدان وظيفتها دون سبب واضح، ويزيد من صعوبة التوفيق بين العمل ورعاية الأطفال بسبب نقص الدعم مثل إجازة الأمومة وخدمات الرعاية.

******************************************************

الصفحة التاسعة

نحو تفعيل قانون: من اين لك هذا؟

حسب الله يحيى

على الرغم من اليأس والإحباط الذي بات واضحا في ذهنية الناس، بأن البرلمان لم يعد لسان حالهم وأنه غير قادر على إصدار القوانين التي هم بأمس الحاجة اليها وذلك بسبب هذا الجمود في ممارسة دوره الفاعل، وغياب قدرة البرلمانيين على اختيار رئيس لهم، وكأن امتيازات الرئاسة هذه تحتاج إلى كل هذا الوقت الذي طال أمده للوصول إلى اختيار الرئيس، حتى أصبحت العقدة الأساسية التي لا أمل يلوح في الاقتراب منها.. وباتت الجمرة العصية على اللمس!

فهل يصح تجميد القوانين بما فيها قوانين تهم حياة الناس لا لسبب إلا لأن مقعد الرئيس شاغر، ولا يوجد من هو أهل لهذا المقعد سوى أسماء محدودة بعينها!

إن هذا يعني؛ بأن البرلمان يهتم باختيار رئيس له، أكثر من اهتمامه بشؤون الناس الذين انتخبوا أعضاءه.

كما يعني أن التفريط بالواجبات الملقاة على عاتق البرلمانيين، يعد تفريطا فادحا بأهم مهماته، ومن ثم تعطيل الحياة برمتها!

وكان من الأهم في مسيرته هو التوجه إلى اصدار قانون (من أين لك هذا؟) والذي طرح مرارا في جلسات البرلمان السابقة ، ولم يجد هذا القانون المهم آذانا صاغية لإقراره واستبدل بطلب تقديم المسؤولين ما بذمة كل واحد منهم من أموال شخصية ، وهو إجراء زائف ومثير للاستياء والسخرية ، ذلك أنه لا يمكن لمسؤول الاجهار بحقيقة ما يملكه ، مثلما نجد ان الفساد المالي لم يعد في مفصل الدولة وجميع مؤسساتها حسب وانما بات يصل إلى التعامل اليومي بين الأفراد انفسهم ، حتى أصبحت ظاهرة الرشا (طبعا) في حياة العراقيين ، ولم تعد هناك معاملة قابلة للإنجاز من دون أداء هذه (الرشا) بشكل طبيعي وتقليدي .

ولا يخفى على كل مواطن عراقي ، أن كثرة من فاحشي الثراء لم يكونوا يملكون إلا النزر البسيط من حياتهم ، واذا بهم قد أصبحوا أصحاب عقارات ومولات وأسواق ومصارف وسيارات فارهة .. ولم يكن كل هذا الثراء طبيعيا أبدا، فلا صاحبه قد اعتمد على إرث، ولا هو حظ في اليانصيب ولا هو صفقة تاجر ماهر.. ذلك أن الأموال الطائلة التي يتداولها هؤلاء، تفوق كل تصور وكل ما هو منطقي ومقبول ومعقول.

لذلك بتنا نجد الغنى المفرط، إلى جانب الفقر المدقع، ولا وجود لمظهر وسط إلا في حالات استثنائية نادرة.

ومع وجود أجهزة مالية رقابية، ومؤسسة للنزاهة، ومتابعة ورصد دقيق بالكاميرات.. إلا أنها جميعا لم تفلح في الوصول إلى حلول لآفة الفساد التي باتت عصية عن الحل، مثلما أصبحت تأكل في حياة العراق والعراقيين، وتهدد كيان الدولة برمته.

وبتنا نجد أن سرقة المال العام؛ باتت (شطارة) يتباهى بها البعض، مثلما أصبحت الرواتب الطائلة التي يتقاضاها كثرة من المسؤولين مدعومة بقوانين يتم إصدارها على حسب الحاجة وعلى حسب المطلوب.

ومع أن كل الحكومات المتعاقبة منذ 2003 حتى الآن تعد الشعب بالقضاء على هذا الفساد، إلا أن أيا منها لم يفلح حتى بالتخفيف من وطأة هذا الحال.

ما العمل اذن، ونحن نعيش ثقل هذا الفساد علينا؟

إن تفعيل قانون (من أين لك هذا؟) من شأنه ان يحقق الحل السليم إذا ما تم انجاز هذا القانون بشكل فاعل ودقيق وعادل وحازم كذلك ويسري على الجميع.

ولكن ماذا نفعل والبرلمان يعجز عن اختيار رئيس له، فكيف لهذا البرلمان ان يقر مثل هذا القانون الذي ينتظره كل عراقي؟

إن الأمور لا تستوي على هذا الشكل من الإهمال والتغاضي عن أموال طائلة تنهب ويتم غسيل قسم منها من دون حسيب او رقيب..

فالخراب أصبح ينتشر وتتفشى عدواه إلى كل مكان وفي كل زمان يتوالى على عراق جريح يعاني من ضيق الحال، فيما الأحوال تتردى يوما بعد اخر، حتى وجد المرء نفسه عاجزا عن الاستمرار في تدبير عيشه اليومي، وذلك بسبب استئثار ذوي الأموال الطائلة على مقدرات كل شيء في البلاد والعباد، من دون رادع ومن دون حساب، وفي أحسن أحوال هذا (الحساب) القبول باستعادة جزء من الأموال المسروقة، وهو إجراء غريب وغير منصف مثلما هو سهل التنفيذ على اللصوص مادام الامر يتعلق باسترداد جزء من السرقات الذي تم إقرارها والاعتراف بها.

من هنا نرى أن تفعيل قانون (من أين لك هذا؟) هو الحل الأمثل لنشر العدالة بين الناس واسترداد أموال الشعب التي هي حق من حقوق كل عراقي.

**********************************************************

المشتركات بين المنظمات الإرهابية والفاشيين الجدد

اعداد: رشيد غويلب*

بعد الهجوم الذي وقع في مدينة سولينغن الالمانية، الذي قتل فيه مرتكب الجريمة المتطرف المشتبه به ثلاثة أشخاص وأصاب آخرين بجروح خطيرة، اندلع جدل ساخن مرة أخرى في ألمانيا حول تشديد قوانين اللجوء والترحيل. وفي هذا السياق، تطرح قوى اليمين السياسي نفسها كمنقذ عبر تصوير التطرف على أنه مشكلة "مستوردة".

يُنظر في أوربا إلى متطرفي الإسلام السياسي والثقافات المرتبطة به، على أنها أجنبية ومختلفة بطبيعتها. غالبًا ما يُنظر إليها على أنها أيديولوجية رجعية مستقلة بشكل أساسي. لكن ذلك لا يتوافق مع الواقع. ولم تنشأ الإسلاموية من فراغ، ولكنها تشبه إلى حد كبير في كثير من النواحي رؤى اليمين الأوروبي.

تهدف الإسلاموية في جوهرها إلى إقامة دولة شمولية ونظام اجتماعي تخضع فيه جميع نواحي الحياة للأعراف والقوانين "الإسلامية". وفي هذا الصدد، فهي تشبه التكاملية الكاثوليكية في القرن التاسع عشر وسيادة الأصوليين المسيحيين في الولايات المتحدة. لكن هناك خلافا داخل التيار الإسلامي المتطرف حول كيفية تحقيق هذا الهدف، خاصة فيما يتعلق بمسألة استخدام القوة. فالجهادية، على سبيل المثال، تدعو إلى الكفاح المسلح ضد أعداء الدين، في الداخل أو الخارج. بالإضافة إلى هذه الرؤية للدولة، تحتوي الاسلاموية أيضًا على عدد من السرديات بشأن الاعداء ترتبط بشكل واضح برؤية الفاشية الجديدة.

حرب ثقافية رجعية

منذ عقود يحذر الفاشيون من "التسلل الأجنبي" المزعوم، و"التغيير الديمغرافي"، و"الأسلمة"، ويشعر الإسلاميون دوما بتهديد "التغريب". ووفقاً لأيديولوجيتهم، فإن الإسلام مهدد بمؤامرة تهدف إلى تقويضه من الداخل. لا تلعب الهجرة عندهم دورًا مركزيًا، على عكس العولمة والإعلام.

بواسطة الأفلام والأدب والموسيقى، يتم إدخال أفكار "أجنبية" مفترضة إلى الثقافة الإسلامية، لها آثار "مدمرة" على المجتمع الإسلامي. وهنا بالتحديد توجد أوجه تشابه كبيرة مع مناقشات الفاشيين الجدد للحرب الثقافية، على سبيل المثال، يقدم اليمين "اليقظة" (الوعي الاوسع بالعدالة الاجتماعية) على أنها تهديد مماثل. ترى كلتا الحركتين أيضًا أنهما مدافعتان عن ذات المؤسسات الاجتماعية، وخاصة جوهر الأسرة التقليدية، والنظام الأبوي. وبالتالي، فإنهم يعارضون النسوية، وقيم التحرر والديمقراطية.

العودة للماضي

الإسلاموية هي أيديولوجية البحث في الماضي عن إجابات للمشاكل الراهنة. ويعتقد الإسلامويون أن الأجداد يقدمون الحلول لانحطاط العالم الحديث. ويلجؤون إلى صورة رومانسية للماضي تقدم صورةً مشوهً للتاريخ. ويتجاهلون التفاصيل التاريخية التي قد تشكك في الفصل الواضح المفترض بين "الانحطاط الغربي الحديث" و"الثقافة الإسلامية الخالصة".

ويمكن ملاحظة العودة للماضي أيضًا في الأيديولوجيات والحركات اليمينية الأخرى. إنه إسقاط للثقافة السالفة، والعودة الى زمن يدعون كان فيه المجتمع أكثر استقرارًا وأبسط وأقوى. على سبيل المثال، اكتشف حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف بسمارك والإمبراطورية الألمانية من جديد. إن الجوانب المظلمة في تاريخ الألماني، مثل العهد النازي أو التاريخ الاستعماري الألماني، لابد أن تختفي قدر الإمكان من الذاكرة الثقافية لخلق ارتباط إيجابي جوهري بالماضي.

الموقف من القومية

للوهلة الأولى، يبدو الموقف الإسلاموي من القومية هو التباين الأكبر عن اليمين الأوروبي. لقد كانت القومية العرقية تقليدياً منافساً للحركات الإسلامية. وكان يُنظر إلى الأنظمة القومية العلمانية، مثل أنظمة جمال عبد الناصر ومصطفى كمال أتاتورك ومحمد رضا بهلوي، على أنها معارضة أساسية لأنها استخدمت القومية بديلا عن الإسلام في تشكيل الهوية.

ومع ذلك، لم تكن الإسلاموية والقومية دائمًا متضادتين ولا يمكن التوفيق بينهما. وخاصة إذا وصلت الإسلاموية إلى السلطة، فمن المؤكد أنها تستطيع التصالح مع القومية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك تركيا. لقد خلقت حركات مثل "مملي جوروش" بزعامة نجم الدين اربكان وحزب العدالة والتنمية توليفة إسلامية- قومية تركية. وقد مكّن هذا حزب العدالة والتنمية من تشكيل تحالفات مع اليمين العلماني الراسخ في تركيا.

التغلب على الأيديولوجيات الرجعية

إن اليمين الأوروبي والإسلاموية ظاهرتان مرتبطتان في كثير من النواحي. إنهم يستخدمون صورًا وروايات ومخاوف مماثلة للعدو. لكن ما هو خطير بشكل خاص هو التخادم بينهما، عبر الاتفاق على عدم التوافق المزعوم بين الثقافتين "الإسلامية" و"الغربية". لذلك على المناضلين ضد الشمولية، تجنب إعادة إنتاج خطاب المعسكرين.

غالبًا ما تعتمد الأساليب التقليدية لمواجهة التطرف على التعليم، من خلال تحذير الشباب من المحتوى المتطرف في وسائل التواصل الاجتماعي. ولكن هذا وحده ليس كافيا. لا يمكن التغلب على الأيديولوجيات الرجعية بواسطة الأفكار الأفضل أو التعليم فقط. ولا يتحول الشباب إلى التطرف عن طريق "الأفكار" فقط؛ بل إن الشباب عمومًا، سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك عرضة للأيديولوجيات العنف الرجعية.

توفر لهم هذه الأيديولوجيات الجماعة والهوية والمعنى، وقبل كل شيء، صورة العدو الواضحة. وإجابات تبسيطية على المشاكل الفردية والنفسية والاجتماعية. لا يكفي دحض أيديولوجية ما فقط، بل يجب تقديم البدائل ومكافحة الأسباب الكامنة وراءها. وهنا تكمن الحاجة إلى هياكل يسارية: يمكنها تقديم الإجابات وتحديد الهوية والدعم. ومع ذلك، فإن محاولة مكافحة الخطر الذي يشكله الرجعيون اليمينيون بوصفات رجعية أخرى هي ببساطة أمر لا معنى له.

ـــــــــــــــــــــــــــ

*- عن مقالة نشرت أخيرا في جريدة نيوز دويجلاند الألمانية

****************************************************

تجديد العقوبات الدولية على السودان

قرشي عوض

تطور الوضع في السودان بوتائر متسارعة أعادت البلاد وفي زمن قياسي إلى خانة تجديد العقوبات الدولية التي لم تغادرها منذ العام 2005. إلى جانب حظر تدفق السلاح إلى اقليم دارفور. ذلك برغم ان حكومة الامر الواقع في بورتسودان كانت تأمل بل سعت إلى ان يحول الفيتو الروسي او الصيني دون تعرضها لعقوبات.

وبعكس تلك التوقعات تماما أعلن مجلس الأمن بإجماع 15 دولة يوم 11 سبتمبر قرارا بتجديد العقوبات على السودان وحظر تدفق السلاح إلى اقليم دارفور.

ويأتي القرار لمواجهة الوضع الانساني الذي وصفه المبعوث بأنه مريع خاصة في الفاشر. واستجابة لمقررات مجلس حقوق الانسان ومنظمات دولية عديدة وصفت الاوضاع بأنها تنذر بالخطر. وقد اشارت تلك التقارير إلى أن أكثر من ثلاثة ملايين من البشر سيموتون بنهاية هذا العام بسبب المجاعة التي تهدد نصف عدد السكان المشردين بالملايين داخل البلاد وخارجها.  بينما تمنع عنهم أطراف الصراع وصول المساعدات الانسانية. ويتعرضون للإبادة وترتكب في حقهم جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.

وقد يثور خلاف مشروع حول علاقة بعض الدول بالحرب في السودان. ولكن لا يمكن ان يكون هناك اي خلاف مقبول حول أن تدخل المؤسسات التي تمثل الشرعية الدولية مثل الامم المتحدة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الانسان يتم بدواع انسانية ويجيء في إطار الشرعية الدولية وليس فيه اي مساس بالسيادة الوطنية. كما أنه يحدث استجابة لتوصيات لجنة تقصي الحقائق الدولية التي كونتها الامم المتحدة بعد ان طالب بها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في مخاطبته لإحدى جلسات الجمعية العامة.

من يتحدثون عن تعرض السودان إلى هجمة دولية تقودها دول الاستكبار يتناسون هذه البديهيات. مع أنهم يعلمون جيدا أن السودان عضو في الأسرة الدولية وفي كل المنظومات العالمية وموقع ومصادق على كل الاتفاقيات الدولية التي ترتبت عليه التزامات منصوص عليها في تلك المواثيق ولا يجوز التنصل عنها. كما يستنكرون مساواة المجتمع الدولي بين الجيش النظامي للدولة والمليشيا التي اعلنت التمرد عليه. مع أن هذه الوضعية القانونية المعقدة قد صنعتها قيادة الجيش بنفسها حين ابقت على القانون الذي أقره برلمان البشير المشكوك في شرعيته ولم تعامله مثله مثل القوانين والآثار التي خلفها النظام المباد بتجميدها. واعتبرت قوات الدعم السريع وبدلا من ان تكون تابعة للجيش قوات قائمة بذاتها وموازية له. ففي الوقت الذي كان فيه الشعب كله يعتبرها مليشيا منفلتة من اي عقال قانوني او اخلاقي ويطالب بحلها في التظاهرات التي عمت الخرطوم ومدن اخرى وراح ضحيتها مئات الشهداء قبيل الحرب كان الجيش ينظر إليها كقوات نظامية ويجرم بالقانون المساس بها.

ومع ذلك أدانت القرارات الدولية الانتهاكات التي ارتكبها الطرفان ضد المدنيين وتوصلت   إلى ضرورة إجبارهم على الكف عن تلك الممارسات.

وذلك بعد محاولات عديدة لدفعهم لاتخاذ قرار بوقف إطلاق النار ونقل السلطة للمدنيين آخرها ملتقى جنيف الذي فشل بسبب موقف الجيش السوداني السلبي منه. وفي وقت اتجه فيه الطرفان للحصول على اسلحة نوعية، مما يؤكد رغبتهما المشتركة في حسم الصراع عسكريا مهما تكن آثاره على المدنيين.

ولم تهدأ حدة المواجهات حتى لحظة كتابة هذه السطور. فسلاح الطيران التابع للجيش يوالي قصف مراكز الدعم السريع داخل المدن والقرى التي تسيطر عليها المليشيا. والتي تقوم هي الأخرى بتدمير التجمعات السكنية والأعيان المدنية بالمدفعية المتوسطة والمحمولة على العربات القتالية.

لكن ومع كل الملاحظات أعلاها والتي توفر غطاء قانونيا وأخلاقيا للتدخل الدولي عبر المؤسسات الشرعية وتبين في الوقت نفسه تهافت  دعاوي الذين يتباكون على السيادة الوطنية وهم جلهم من المساندين للجيش الذي سعى لتدويل الحرب السودانية بمحاولة إقامة تحالفات معلنة مع روسيا والصين وايران في الوقت الذي يرفض فيه قرارات مجلس الأمن مع انها مسنودة بالشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني، رغم كل ذلك إلا أن قرار حظر السلاح في إقليم دارفور وحده يطرح من الاسئلة المشروعة اكثر مما يقدم اجابات عليها ان لم يكن يثير الريبة والشك حول مرامي واهداف بعض الدول. فالمدنيون في معظم انحاء البلاد يتعرضون إلى ما يتعرض له أهل دارفور. كما حدث ويحدث يوميا من مجازر في مدني وسنار وسنجة وكردفان. كلهم يواجهون نيران المدفعية وقصف الطيران وترتكب في حقهم المجازر الجماعية. فهل يكون الهدف من مثل هذا القرار التمهيد لفصل إقليم دارفور او على أقل تقدير وضعه تحت الحماية الدولية؟

اسئلة كلها مشروعة ولكنها لا تعطي اي مبررات   مقبولة انسانيا للوقوف ضد حماية المدنيين برفض التدخل الدولي، والذي لا توجد اي وسيلة اخرى غيره لإنقاذ ملايين الأرواح، بقدر ما توجب التفاف أكبر قوى مدنية وسياسية حول هذا القرار وجعله يصب في خانة تحقيق الأمن والسلام وتوصيل المساعدات الانسانية للمحتاجين دون المساس بوحدة السودان.

************************************************

الصفحة العاشرة

من الصحافة إلى الأدب.. الهروب نحو حرية الإبداع وبهجة الفن

علاء زريفة

عندما سئل الروائي الأميركي الشهير أرنست همنغواي (1961-1899) عن سبب تركه للصحافة، أجاب بالقول: “كمراسل، لا يمكنني أبداً التحدث عن السبب. كروائي، كنت أعرف أنني أستطيع التحدث عن السبب”.

يبدو الأمر بالنسبة إلى صاحب “وتشرق الشمس”، بأنه يستطيع كتابةَ ما يريد عندما يريد، تاركاً الأمر رهينة مزاجه الخاص.

كان همنغواي الملقب بـ”البابا”، مراسلاً حربياً لمصلحة صحيفة “ذا كانساس سيتي ستار” خلال الحرب العالمية الأولى، ربما كان هذا الجانب من حياته المهنية مؤثراً في أسلوبه في كتابة بعض رواياته مثل “لمن تقرع الأجراس”. وربما أيضاً - بالنسبة إلى بعض النقاد - كان هذا الجانب أحد مصادر الاكتئاب الذي أصابه في الخمسينات، وهو ما دفعه إلى الانتحار. وكان همنغواي أحد الروائيين العظام الذي بنوا كنيسة مجدهم الأدبي على “صخرة الصحافة”.

“أثر الصحافة في الأدب”

لطالما تأثر الأدب كـ”فن” بمهنة الصحافة، نجد على ذلك أمثلة كثيرة من أهمها كما هي الحال في روايات تشارلز ديكنز (1812-1870) التي تدور أحداثها في إنكلترا الفيكتورية، والتي تهدف إلى تثقيف القراء حول ظروف ذلك الوقت وإقناعهم بالسعي إلى التغيير.

ديكنز الذي عمل في بداية حياته كمراسل لصحيفة عائلته “مرآة البرلمان” خلال ثلاثينات القرن التاسع عشر، والذي أضاف لمسة جمالية وإبداعية على الصحافة الإنكليزية مؤسساً “مذهبه الصحافي الخاص”، من خلال مقدرته الاستثنائية على وصف الأحداث بلغة رفيعة، وارتباطه بمصادر معلوماته والتقاط الأخبار والقصص التي تهم القراء ليصنف كـ”أفضل كاتب للتقارير الصحافية” في زمنه.

ينطبق الأمر ذاته على  رواية “عناقيد الغضب” لجون شتاينبيك (1902-1968)، والتي تهدف إلى تثقيف القراء حول فترة العواصف في أميركا والصعوبات التي واجهها الناس. فكانت فكرة الرواية الشهيرة قد انطلقت من مقالة نشرها شتانبيك لمصلحة مجلة “ذا نيشن” في عام 1936 بعنوان “معركة مريبة في كاليفورنيا”، حيث ساعدت هذه المقالة التي كتبها في فترة الكساد الاقتصادي عن المهاجرين العماليين من كاليفورنيا الكاتب في تطوير أفكاره عن روايته الخيالية التي كتبها لاحقاً.

“رفاهية الحرية”

لا يتمتع الصحافيون بهذه الرفاهية عادةً، حيث يفرض محررو الصحف قيوداً صارمة على مراسليهم، التزاماً منهم بقاعدة “الحقيقة الجافة والمباشرة” التي ترتبط بالأحداث اليومية، لكنّ الروائيين يمتلكون “حرية العمل على قصصهم الخاصة”، تلك القصص التي يجنحون فيها نحو الخيال والسرد الطويل ليصنعوا أبطالهم وحكاياتهم التي تحاكي الواقع من وجهة نظر الفن أولاً وأخيراً. فهم باستطاعتهم الجلوس منتظرين “غودو الإلهام”، ليفتح لهم أفق الحكاية، مصير الشخصيات، الوصف التفصيلي، الحبكة، والطريقة التي تتحرك بها القصص إلى الأمام.

بينما يظهر الصحافي دائماً كـ”حصان السباق”، مطارداً بسياط الوقت الضيق، وتحرّي الدقة والحياد، واللغة البيضاء ذات الجمل القصيرة التي يسع الجميع فهمها، التي تجيب عن “الأسئلة الصحافية الستة”. ليبدو الأمر عند الحديث عن العلاقة بين الصحافة والأدب، وكأننا في لعبة شد الحبل بين الأديب الذي يحاول إعادة خلق الوقائع الحياتية من زوايته الخاصة ليضيف إليها صفة “المغامرة والمتعة”، وبين الصحافي الذي يتناول الأحداث كـ”وجبة جاهزة”، دون أن يضيف عليها بهارات المجاز والمحاكاة الفنتازية دون أن يخلو أسلوبه من “ذوق الكتابة”.

يحاجج الصحافيون الأكاديميون حول دخول الأدباء عالم الصحافة، وخروجهم عن التقنيات والمناهج الرصينة التي صرفوا سنوات دراستهم في تعلمها، لتكون “الحرية” التي يتباهى بها الأدباء في كتاباتهم الصحافية بالنسبة إلى هؤلاء نوعاً من “التفلت” من تلك القواعد المنهجية. بينما يبدو النقد الموجه من الكتاب الذين دخلوا عالم “مهنة المتاعب” من بوابة الأدب للصحافيين خلو كتاباتهم من لمسة الإبداع والمغامرة الفكرية.

“لغة الأدب أكثر رحابة”

هذا ما يوضحه الكاتب والصحافي السوري بديع صنيج لـ”النهار العربي” بالقول: “لطالما كانت العلاقة بين الأدب والصحافة مثيرة للجدل، فبينما يرى الكثيرون أنها تشي في كثير من الأحيان بنوع من أنواع التماهي بينهما، يعارض البعض ذلك، وتبريرهم أن لغة الأدب أكثر رحابة وقادرة على أن تطوي تحت جناحيها اللغة الصحافية”.

رغم الفروقات التي يصنعها كل من الطرفين، إلا أن العلاقة تبقى “تبادلية” بامتياز، وفقاً لصنيج: “لكن هذين الرأيين يندغمان مع بعضهما البعض في حالات “الصحافي الأديب” الذي يمتلك ناصية اللغة لكلا المجالين المتباعدين، وبإمكانه تطويعها بحيث تتنكّه لغته الصحافية بنظيرتها الأدبية، مستغلاً الرحابة وجماليات الصياغة ومحسّنات البلاغة من أجل كتابة مقالاته وجعلها أكثر أناقة، لا سيما إن كانت في الصفحات الثقافية من الجرائد، وفي الوقت ذاته فإنه يستفيد من أساليب التشويق التي يستخدمها الصحافي لجذب القارئ ضمن قوالب أدبية، تتيح له مرونة أكبر في تحديد مسارات نصّه، وهندسة عمارته روائية كانت أم قصصية، فضلاً عن تسخيره مهارات البحث الصحافي والتقصي المديد عن المعلومة في منجزه الأدبي، الذي قد يستفيد أيضاً من التجريب الذي يمارس من يكتب في الصحافة من أجل تكريس بصمة خاصة به، في مداورة المعلومات وتنسيقها بسلاسة تضمن الوصول إلى قلب القارئ، وأيضاً تيسّر قدر الإمكان إرواء فضول القارئ الموازي لفضول الصحافي ذاته”.

“شعرة رفيعة تخلق الجدل”

وبين الاثنين يعتبر الشاعر والكاتب الصحافي السوري هاني نديم في مداخلته لـ”النهار العربي”: “إن على الصحافة أن لا تفسد الأدب فينا، وعلى الأدب كذلك أن لا يأخذ حيّز الصحافة التطبيقي، بمعنى: أن يكون الواحد منا صحافياً عند العمل على قصته، أديباً عند كتابتها وتفريغها من معلومات الميدان”. ويعتقد نديم: “أن كبار الصحافيين من الأدباء فهموا ذلك وطبقوه تماماً”.

بالنسبة إلى نديم دائماً، فثمة “شعرة رفيعة بين الصحافة والأدب، وفاصل هلامي يدركه المحترف ويلمسه، وإن كان الأكاديميون يزعجهم وجود الأدباء المتفلتين من ضوابط التحقق والاختزال، وإن كان الأدباء ينزعجون من ذبابة الصحافة التي تطن عند أذنهم، فليجيبونا: هل تتصور الصحافة دون من مروا عليها من أدباء كبار؟”.

معتبراً أن تجارب أدبية كبيرة بدأت من “مطبخ الصحافة”، وأنتجت أعمالاً أدبيةً خالدة حتى يومنا هذا قائلاً: “هل كان سيكتب أرنست همنغواي روايته العظيمة “وتشرق الشمس” وغيرها لو لم يعمل لمصلحة صحيفة مهتمة بتغطية مصارعة الثيران في إسبانيا؟ أم هل كان ستوكر سيكتب روايته الشهيرة “دراكولا” لو لم يكن صحافياً، إذ كتبت الرواية على شكل سلسلة من المذكرات والرسائل ومقاطع الصحف. أم هل كان دانييل ديفو سيكتب رائعته روبنسون كروزو (قصة البحار الإسكتلندي الذي هام في البحار 5 سنوات)، لو يدمج الواقع بالخيال في رواية ما زالت هي الأشهر حتى عصرنا هذا؟”.

“علاقة تكافلية”

بالمقابل، تبدو العلاقة بين الصحافة والأدب “تكافلية” عند الحديث عن تجربة الروائي الكولومبي الشهير غابريل غارسيا ماركيز (2014-1927)، الذي بدوره بدأ حياته كصحافي لوميات عدة أبرزها “اليونيفرسال، إل هيرالدو، وإل بايس”، متنقلاً بين مدن عدة حول العالم. كانت الصحافة هي التي مكنته من كسب عيشه الهش بينما كان يكتب القصص الخيالية، حتى بعد النجاح العالمي لروايته عام 1967 “مئة عام من العزلة”.

طوال مسيرة غارسيا ماركيز المهنية، كانت الحدود بين الأدب والصحافة “شديدة الاختراق”. ويمكن النظر إلى أعماله الروائية والواقعية التي كتبها للصحف والمجلات باعتبارها جوانب لمشروع سردي واحد استمر طيلة حياته. أعماله كانت عبارة عن تقارير في سجلات أو مجالات مختلفة من الواقع، وهذا ما أعاد ماركيز صياغته في قالب روائي جذاب سمي نقدياً بـ”الواقعية السحرية”. ومن وجهة النظر هذه، فمن غير المستغرب أن يعبر ماركيز عن مجمل هذه المسيرة الأدبية والصحافية على حد سواء في عام 1991 بالقول: “كتبي هي كتب صحافي”.

نجد أيضاً مثل هذا “التأثير التكافلي المتبادل” بين الصحافة والأدب، لدى الكاتب والروائي اللبناني الشهير أمين معلوف الذي يمزج بين الأحداث التاريخية والحب الرومنطيقي والخيال في صميم أعماله الروائية المصممة بعناية، فيكمن عنصر عميق من الاستقصاء الفلسفي والنفسي لطبيعة الإنسان وحالته التي منحتها إياه تجربته كصحافي خلال عمله في صحف عدة أبرزها “النهار” التي كانت الحجر الأساس بالنسبة إليه، حيث قام بتغطية الأحداث العالمية الجارية وصقل مهاراته في إعداد التقارير. وقد أخذته مهامه إلى أماكن مثل إثيوبيا وفيتنام. كما سافر عبر مساحات شاسعة في القارة الأفريقية. إضافةً، لمجلة “Jeune Afrique” التي ترأس تحريرها وكتابة افتتاحيتها منذ عام 1984.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“النهار العربي” – 4 أيلول 2024

************************************************

«لا أزال هنا»: نصف قرن من النضال على وجه أونيس

هوفيك حبشيان

بعد أربعة عقود على سقوط الديكتاتورية في البرازيل، يأتي المخرج والتر ساليس بفيلم مرجعي عنها، وعن فصل دموي من تاريخ بلاده، مختتماً غياباً عن الشاشات دام 12 عاماً. جديده هذا، “لا أزال هنا”، اكتشفناه ضمن عروض المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية ال#سينمائي (دورة 81 - من 27  آب إلى 7 أيلول) التي تتضح معالمها كل يوم أكثر فأكثر. الديكتاتورية العسكرية في البرازيل عاشت نحو عقدين، وخلّفت وراءها كوارث إنسانية. الجرح لم يلتئم عند كثيرين، خصوصاً الذين خسروا أباً وأخاً ورفيقاً وحبيباً. والخسارة أنواع، أسوأها ذلك الذي لم يُعرف فيه مصير الضحية، إذ قضى تحت التعذيب ولم يُعثر على جثّته، وبات في عداد الموتى الأحياء بالنسبة إلى العائلة. كيف يموت الإنسان نهائياً في غياب الجسد؟ وهل يمكن الحداد عليه؟

ينطلق الفيلم من هذه الواقعة، واقعة الآلاف الذين قضوا في أقبية النظام البغيض، وظلّ أهاليهم بلا أخبار عنهم لسنوات، قبل أن يُسلَّموا وثيقة وفاة تنهي القضية (عند دخول البلد في مرحلة الديموقراطية). إنها واحدة من روايات الظلم التي عاشتها أميركا الجنوبية بين الخمسينات والثمانينات، ونُقِلت في العديد من ال#أفلام، لكن بمقاربات مختلفة. “لا أزال هنا” أفلمة لقصة روبن بايفاس الحقيقية، اقتبسها ساليس من كتاب مذكرات ابنه مارسيلو عن أمه. هذا النائب اليساري السابق (سلتون ميللو) كان انسحب من الحياة السياسية ليهتم بشؤون أسرته. كانت حياته موزعة بين زيارات متكررة لأصدقاء وارتياد السينما، عندما أُلقي القبض عليه واتُهّم بمساعدة أعداء النظام. الافتتاحية لافتة: على أحد شواطئ “ريو دي جانيرو”، نشهد على تفاصيل الحياة العذبة. نلمس سعادة تكاد تكون مثالية، رغم أنّ الديكتاتورية قائمة في البرازيل منذ ست سنوات عند لحظة بدء الحكاية. نرى أطفالاً يلعبون بالطابة، مراهقون يدهنون أجسادهم بالكوكا كولا، إلخ... هذا آخر شيء جميل سنراه قبل الدخول في نفق القهر والعذابات. إلى الآن، كانت الأحداث مسموعة. بعد الآن، ستصبح “معاشة”.

بعد دهم عناصر من الجيش باللباس المدني منزله لاقتياده إلى التحقيق، لم نسمع شيئاً عن بايفاس. يحدث هذا في نصف الساعة الأولى من الفيلم، أما الساعتان التاليتان فتنقلان معاناة زوجته أونيس (فرناندا توريس) للبحث عنه ومعرفة مصيره ومحاولة التدخل لدى السلطات للإفراج عنه. لكن كل المحاولات ستفشل. أونيس تريد الحقيقة، هي تود أن تعرف ماذا حل بزوجها، لكن لا أحد يملك الجواب. بعد اعتقال بايفاس، ستصبح الزوجة أماً وأباً لأولادها الخمسة، ومناضلة ومحامية، محتكرة كل الأدوار والوظائف. فيها يختزل ساليس نضال نصف قرن، راسماً على وجهها المعبر الجميل علامات تبدل المواسم والأنظمة والأجيال، مع دائماً تلك الصلابة المقترنة بالهشاشة التي تميّز الكبار. والأهم إنها لن تنكسر، لن تخسر ولو قليلاً من كرامتها، لن تتحول وحشاً وهي تحارب الوحوش. بل ستكون نموذجية في طريقة تعاملها مع المواقف التي ستتعرض لها. أما الأسى فسيبقى. سنوات بعد نهاية الديكتاتورية، سيظل صدى تلك الحقبة يتردد في وجدان هذه المرأة. في مشهد ختامي مؤلم، نرى شيئاً ما يتحرك داخلها عندما تسمع اسم زوجها في نشرة الأخبار، رغم إصابتها بالـ”ألزهايمر”. الغياب صعب، الغياب القسري أصعب. كالعادة، في هذا النوع من الأفلام، الخاص والعام يتقاطعان، ما يجري داخل البيت وخارجه يصبحان واحداً. النظام الذي تعيش تحت رحمته، يوحد الفضاءين، لا يمنح لك أي حرّية بأن تعيش بكامل “فردانيتك”، وبالتالي لا تستطيع أن تفكر وتتصرف وفق ما ينسجم مع قناعاتك. قبل الاعتقال وتدهور الأوضاع، كان البيت الأسري يشكل في الفيلم “ضرورة جمالية”. فهو عش، خشبة مسرح، ملجأ، في آن معاً. رؤية المطبخ وحدها في خلفية الصورة، تحض على الراحة النفسية والطمأنينة. أينما يوجد طعام وماء، توجد حياة. أما بقية أجزاء البيت، فخلية نحل حيث يجتمع الكل لتبادل الآراء والأفكار. هذا كله قبل أن يعشش في جدرانها الصمت والموت والجمود. كل حادثة تحتاج إلى مكان، وفي غياب جسد المعتقل/المقتول، يصبح بيته (الغائب عنه) مسرح الحادثة. إنه الديكور الأوحد، الذي يحوله المخرج (يقول إنه مقرب من العائلة منذ الصغر)، إلى كاراكتير في ذاته. وفي اليوم الذي ستعي فيه الزوجة أن زوجها لن يعود، أول ما ستتخلى عنه هو البيت، ستذهب إلى غير رجعة قاصدة مع أولادها “ساو باولو”، ذلك أنها تعلم أن الرجل في كل غرفة وزاوية من هذا البيت، لكن لا قدرة لها على رؤيته.

انتظرنا عودة ساليس إلى السينما (فاز بـ”الدبّ الذهب” عن رائعته “محطة برازيل” في العام 1998)، وتبين أننا لم ننتظره من أجل لا شيء. إنه السينمائي الذي يستخدم سينماه أداة ضد النسيان. عمله ذو ثقل إنساني، حساس، الموت فيه لا يمنع الحياة، يرد الاعتبار إلى ضحايا حقبة ظالمة من تاريخ أمة. هذا فيلم فيه قدر من الحزن، يحاول أن يعض على الجرح ويصبح بالتالي أكثر حزناً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

“النهار” اللبنانية – 6 أيلول 2024

************************************************

الحاجة إلى مقاربة نسوية للذكاء الاصطناعي

خريستو المر*

يغير التطور السريع للذكاء الاصطناعي عالمنا بطرق لم نستوعبها بعد، وبينما يقدم مزايا مهمّة، فإنه يضع أمامنا تحدياً كبيراً: التحيز الخوارزمي. يشير التحيز الخوارزمي إلى التمييز المنهجي في أنظمة الذكاء الاصطناعي تجاه مجموعة من الناس، والذي يمكن أن ينشأ أساساً من البيانات (الداتا) التي تستخدمها خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

قد نظن أن البيانات أمر غير متحيز، ولكن الواقع يقول غير ذلك، فقد ننتج نظاماً لكشف مبكر عن مرض باعتمادنا على داتا من مجتمع ما، ونكتشف أن النظام غير ناجح في مجتمع آخر، لأن الداتا فيه مختلفة جذرياً عن الأول.

كما أن نظرة أكثر نقدية يمكنها أن تكشف أن أصل التحيز الخوارزمي قد يكمن في قرون من التمييز المنهجي ضد مجموعة من الناس. فعلى مر التاريخ، أثرت اختلالات القوّة، المتأصلة في الهيكليات الاجتماعية، على طريقة جمع البيانات وتحليلها. ولو فكرنا قليلاً بالمعوقين فكم من الداتا موجودة بالفعل في مجتمعاتنا حول المعوقين وأوضاعهم الحياتية والوظيفية؟ وكم من الداتا موجودة في مجتمعاتنا حول الأمراض النفسية؟ وكم من الداتا موجودة حول أوضاع السكان الأصليين والسود والملونين هنا في كندا مثلاً؟ في كل الحالات هي قليلة وبالتالي لا تمثل بشكل صحيح هذه المجموعات، وأي برنامج ذكاء اصطناعي يعتمد على هكذا داتا يرجح أن يكون منحازاً ضد هذه المجموعات لأن الداتا لا تمثلها.

الاعتقاد الشائع بأن الداتا غير متحيزة ومحايدة هو اعتقاد خاطئ، فالبيانات في الحقيقة تعكس ديناميات القوة في المجتمع. ذلك أن عملية جمع البيانات وتنظيمها وتفسيرها تتأثر بشكل أساس بالعوامل السياسية والأيديولوجيات السائدة. الحاملون لمفاتيح القوّة في المجتمع هم الذين يقررون أي أسئلة يجب أن تُسأل (وأي تلك التي يجب أن يُسكت عنها)، وموقعهم الاجتماعي ــ الاقتصادي يؤثر أيضاً في الاهتمام بأسئلة وإغفال أخرى، وبالتالي بتقرير أي نوع من الداتا يجب أن يُجمع. ومن هنا، فإن البيانات الموجودة عادة ما تكون متحيزة، لأنها تعكس وجهات نظر من هم في السلطة.

وبما أن الذكاء الاصطناعي يعتمد في عمله على البيانات الموجودة، فإن بيانات متحيزة تؤدي إلى أنظمة ذكاء اصطناعي متحيزة تديم عدم المساواة القائمة في المجتمع، بل وتفاقمه، ما يخلق دوامة خطيرة، إذ يستمر التمييز التاريخي في التأثير على نتائج العالم الحاضر.

الأمثلة كثيرة حول تمييز أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجالات التوظيف، إذ إن بعضها يميز بين الجنسين، أو بين الأعراق، وتمييزها في مجال العدالة الجنائية حيث بعض الأنظمة المستخدمة لتقييم المخاطر تستهدف بشكل خاص الأشخاص من المجتمعات المهمشة، وفي مجال الرعاية الصحية، إذ تؤّدي بعض الأنظمة إلى عدم المساواة في الوصول إلى الرعاية أو إلى خيارات العلاج المختلفة، أما في مجال المال فالأنظمة المتحيزة قد تزيد عدم المساواة الاقتصادية سوءاً.

ما علاقة المقاربة النسوية بالموضوع؟ تدرس النظرية النسوية ديناميات القوة في المجتمع وأنظمة القمع، ولذلك لديها القدرة على تقديم تحاليل حول مصادر التحيز وآثاره. على وجه التحديد، تستكشف النسوية التقاطعية كيف تتقاطع أشكال القمع المختلفة، كالعرق والجنس والطبقة، لإنتاج تفاوتات بين البشر. لذلك، يمكن للنظرية النسوية أن تقدم وسائل تحليلية ونقدية جد مهمة لفهم التحيز الخوارزمي ومعالجته. وبشكل أخص، تقدم النسوية التقاطعية إطاراً لفهم كيفية تقاطع أشكال مختلفة من القمع، بما في ذلك الجنس والعرق والطبقة والجنس، وتفاقمها داخل الأنظمة الخوارزمية.

إن مقاربة نسوية للذكاء الاصطناعي تفتح أمامنا فرصة لكشف الطرق المعقدة التي يديم بها التحيز الخوارزمي، ويفاقم، عدم المساواة القائمة في الداتا. كما أن نقدية المقاربة النسوية لمراكز القوة ولتقاطع أشكال القمع، إذا ما طُبِقَت في مجال الذكاء الاصطناعيّ، لها أن تتحدى الأساليب التقليدية لجمع البيانات وتحليلها وتفسيرها؛ ويمكنها كذلك الدفع إلى زيادة الشفافية والمساءلة والتنوع في جمع الداتا، وأن تعزز بيئة اجتماعية وعلمية أكثر عدلاً.

إن كان التحيز الخوارزمي يمثل عيباً رئيسياً في الذكاء الاصطناعي، فإن العدسة النسوية داخل ميدان الذكاء الاصطناعي يمكنها أن تساعد في الكشف عن مصادر التحيز واختلالات القوة، والخلفيات التاريخية لتلك الاختلالات، وعن أي عدم مساواة بنيوي. ولذلك يمكنها أن تدفع لإعطاء الأولوية للشمولية (inclusivity)  والتنوع في الداتا وفي تطوير الذكاء الاصطناعي، ما يؤدي إلى تضمين وجهات النظر للمجتمعات المهمشة في عمليّة إنتاج أنظمة الذكاء الاصطناعي.

هكذا تزاوج بين المقاربة النسوية والذكاء الاصطناعي يسمح بالدفع إلى مشاركة حقيقية للمجموعات المهمشة في المجتمع في عملية تصميم الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي، لكي تنتَج تلك الأنظمة بشكل أكثر عدلاً ومن دون تحيز.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* كاتب وأستاذ جامعي لبناني

“الأخبار” اللبنانية – 17 أيلول 2024

**************************************************

الصفحة الحادية عشر

الجديد في المكتبة

- شجرتي شجرة البرتقال الرائعة/ رواية للروائي البرازيلي خوسيه ماورو دي فاسكو نسيلوس، ترجمة ايناس العباسي، صدر عن دار مسكيلياني.

- مفهوم الحانة في شعر هيمن/ من خلال قصيدته الشهيرة انين الافتراق. تأليف عثمان المفتي، اصدار مطبعة المنارة- أربيل.

- القلوب عندما تسافر/ قصص الكاتب الآشوري مارتن لولو، صدرت عن دار فكرة- مصر.

- بعضي/ شعر هبة مصطفى، اصدار برومثيوس للطباعة والنشر- كركوك.

- الرائحة الأولى/ قصص ونصوص أدبية/ كتاب جديد للناقد العراقي مؤيد الطلال، المقيم حالياً في دمشق، الكتاب يصدر قريباً عن اتحاد الادباء والكتاب في العراق- بغداد.

************************************************

الأصول الماركسية للتاريخ من أسفل

ثامر عباس

لا يستقيم الحديث عن طبيعة ومضمون ما يعرف بـ (التاريخ من أسفل)* ، دون الرجوع الى طبيعة الأصول التاريخية وماهية الخلفيات السوسيولوجية ، التي نهل من معينها جلّ المؤرخين المحدثين الذين انتهجوا هذا الضرب المختلف في كتابة التاريخ وسرد أحداثه وتدوين وقائعه. ولعل من المفيد الإشارة الى أن الفلسفة الماركسية – بقسمها التاريخي / السوسيولوجي – تعد من أبرز وأهم الأصول المعرفية والمنهجية لكتابة هذا النمط من السرد التاريخي، الذي بات يحظى باهتمام ومتابعة مختلف التيارات والاتجاهات التاريخية في العالمين الغربي والشرقي على حدّ سواء، نظرا” لقيمة ما يقدمه للمؤرخين، فضلا”عن الباحثين في المجالات الاجتماعية والإنسانية، من مردودات علمية ومعرفية لا يمكن الاستغناء عنها. وفي هذا الإطار، فقد لاحظ جيم شارب – أستاذ التاريخ في جامعة يورك-أنه (( من الواضح ان إسهامات المؤرخين الماركسيين، سواء هنا أو في أي مكان آخر، كانت هائلة. فالواقع ان أحد الفلاسفة الماركسيين رغم ان كل أولئك الذين يكتبون التاريخ من أسفل، إنما يفعلون هذا تحت ظلال المفاهيم التي صكها ماركس عن التاريخ )). لا بل إن الفيلسوف العظيم (ماركس) لم يكتفي بتصورات الانثروبولوجي (مورغان)، مثلما لم تغنه اطروحات رفيقه (إنجلس) حول تلك القضايا والمسائل المعنية بأشكال وأنماط تطور الشعوب القديمة، وانما اخضعها الى صرامة تحليلية ومنهجية كانت تتساوق مع منظوره الشمولي وتفكيره الجدلي. ولهذا فقد لاحظ أستاذ العلوم الاجتماعية والسياسية (كيفن اندرسون) إنه والى حدّ ما ((يشبك ماركس رؤية موغان حول مركزية العشيرة برؤيته المادية. ويوافق ماركس من ناحية المبدأ مورغان حول المساواة النسبية بين النساء والرجال في مجتمعات العشيرة المبكرة، لكنه، وفي حين يركز كل من مورغان وانجلس على تحلل العشيرة حصرا”مصدرا”لكل من هيمنة الرجل ونشوء المجتمع الطبقي والدولة، فإن دفاتر ملاحظات ماركس تظهر لنا أنه يرسم صورة جدلية وذات تفاصيل أكثر )).

والحقيقة ان الاهتمام بقيمة وأهمية معطيات (التاريخ من أسفل)، لم تنبثق هكذا مع الفلسفة (الماركسية) من دون تراكمات تاريخية أو مقدمات اقتصادية أو خلفيات اجتماعية، وخصوصا”مؤلفات العالم الانثروبولوجي السويسري (يوهان باخوفن) من خلال كتابه (حق الأم)، ونظيره العالم الانثروبولوجي الأمريكي (لويس مورغان) عبر كتابه (المجتمع القديم) . اللذين حظيا بدراسة عميقة ونقد عقلاني من قبل رفيق ماركس (انجلس) عبر كتابه ذائع الصيت (أصل العائلة والدولة والملكية الخاصة)، حيث كانت تلك المؤلفات السوسيولوجية والانثروبولوجية وغيرها بمثابة المنطلقات التي اعتمدها (ماركس) في بناء معماره الابستمولوجي والسوسيولوجي خلال تلك الفترة، لاسيما دفاعه عن مصالح الطبقة العاملة وتبني خطابها السياسي وبلورة إيديولوجيتها الشيوعية، بعد أن كانت عاجزة عن إسماع صوتها واثبات ذاتها أمام سطوة الطبقات البرجوازية والرأسمالية المتنامية. هذا وكان الباحث (لورنس كرادر) قد نشر في عام 1972 نسخة محررة بعنوان (الملاحظات الاثنولوجية لماركس)، أشار من خلالها الى أن (( ملاحظات ماركس حول الأعمال الانثروبولوجية للويس هنري مورغان ، الخاصة بسكان أمريكا الأصليين، وقدماء الرومان والإغريق، وحول كتابات هنري سومر ماين عن العلاقات الاجتماعية في ايرلندا القديمة، وكتابات جون بود فيار حول القرية في الهند، وأعمال جون لوبوك حول بعض المجتمعات قبل الكتابية )). وللتدليل على أن اهتمامات الماركسية بتاريخ الطبقات الفقيرة والفئات المسحوقة وما ينطوي عليه من قضايا اجتماعية مزرية واقتصادية مجحفة وإنسانية مهملة ، لم تشرع في القرن التاسع عشر مثلما قد توحي مطالعات البيان الشيوعي وأرشيفات الأممية الأولى التي كانت شاهدا”على طبيعة وحجم ذلك النشاط الصراعي المحموم الذي كان (ماركس) يخوض غماره دفاعا”عن، ليس فقط مصالح الطبقات العمالية في البلدان الغربية المستعمرة (بالكسر)، بل وكذلك مصالح الشعوب والأمم المستعمرة (بالفتح) التي كانت تعاني وطأة الاستغلال الاقتصادي والطغيان السياسي والامتهان الإنساني . وإنما تعود خلفياتها الى عقود القرن الثامن عشر كما أشار الى ذلك بعض المؤرخين المهتمين بهذا الشأن. حيث لاحظ المؤرخ البريطاني الماركسي (اريك هوبسباوم) ان تاريخ تلك الأصول والخلفيات (( يبدأ بتاريخ الحركات الجماهيرية في القرن الثامن عشر (...) وبالنسبة للماركسي، أو الاشتراكي بصفة أعم، تطور الاهتمام بتاريخ الطبقات عند القاعدة مع نمو الحركة العمالية )).

وفي هذا الإطار ، يعتبر كتاب (الطبقة العاملة في انكلترا) الذي أنجزه انجلس عام 1844، باكورة الدراسات الرائدة والاتجاهات المتقدمة التي نحت صوب الاهتمام بمضامين التاريخ (الشفوي) للطبقات المهمشة والفئات المحرومة والشرائح المنبوذة، التي كانت من جملة ضحايا تداعيات الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر من جهة، وهيمنة العلاقات الرأسمالية القائمة على الاستغلال الاقتصادي والاستبعاد الاجتماعي من جهة أخرى. ولذلك فقد كتب انجلس مخاطبا “الطبقة العاملة في بريطانيا بالقول ((لقد عشت فيما بينكم ردحا “من الزمن كافيا” لأعرف شيئا” ما عن ظروفكم، ولقد كرست بجدية جلّ انتباهي للتعرف عليها. لقد درست الوثائق الرسمية وغير الرسمية المختلفة، بقدر ما كان في مقدوري أن أحصل عليها، ولم أكن راضيا”بهذا ، كنت أريد أكثر من مجرد معرفة مجردة عن الموضوع الذي أتناوله . كنت أود أن أراكم في منازلكم، أن أعاينكم وأنتم تمارسون حياتكم اليومية، أن أتحدث معكم عن وضعكم ومظالمكم ، لأشاهد نضالاتكم ضد سيطرة مضطهديكم الاجتماعية والسياسية )).

وبخلاف ما روجت له بعض الدراسات المعنية بالفكر الماركسي ومتابعة امتداداته وتأثيراته خارج إطار المجتمعات الغربية، التي تركز اهتمامها على أطروحة ((أن ماركس أهمل العديد من القضايا؛ كقضايا العرق والاثنية والقضايا القومية والكولونيالية))، كما زعم –على سبيل المثال– عالم الاجتماع البريطاني (أنطوني جيدنز) ضمن كتابه المعنون (الدولة القومية والعنف). فقد أشار الى أن ماركس ((أعادة التفكير في العديد من مفاهيمه المتصلة بالتطور الاجتماعي، واضعا”المجتمعات الطرفية غير الأوروبية الغربية في مركز اهتمامه، ليوحي بأن هذه المجتمعات قد تقود التحول الثوري )). وتدليلا”على ذلك ما جاء بنصوص دفاتر ملاحظات ماركس حول الدراسات الاثنية بين عامي 1880 – 1882 م. (( حيث دونها ماركس على دراسات أجراها باحثون عديدون أغلبهم انثروبولوجيون وتغطي مجموعات واسعة من المجتمعات والحقب الزمنية، وتضم الحضارة القروية للهند وتاريخها، والكولونيالية الهولندية، واقتصاد القرية في اندونيسيا، والجندر وعلاقات القربى لدى سكان أمريكا الأصليين، ولدى الإغريق والرومان القدماء، حول ايرلندا والملكية الخاصة والملكية التشاركية في الجزائر وأمريكا اللاتينية )). وعلى إيقاع التطورات العاصفة التي شهدتها العلوم الاجتماعية والإنسانية وما استتبعها من التداخل في حقولها والتشابك بين ميادينها، فضلا”عما تمخض عنها من اجتراحات منهجية وابتكارات مفاهيمية وانزياحات دلالية، فقد نعى البعض من المفكرين الليبراليين (أفول) وهج الماركسية وانحسار تأثيرها على السيرورات التاريخية والديناميات الاجتماعية التي تتطور بموجبها المجتمعات، لاسيما تلك التي تنضوي تحت مسميات (الاستبداد الشرقي) و(النمط الآسيوي) و(مجتمعات الأطراف). بحيث أضحت – كما يزعمون - عاجزة عن تقديم إجابات مقنعة وتفسيرات مقبولة لما أنجزته العولمة الرأسمالية من فتوحات واسعة وحفريات عميقة وتنظيرات شاملة، لا في مضامير الواقع – المعيش وما ينطوي عليه من علاقات وصراعات فحسب، بل وكذلك في مجالات الفكر – الوعي وما يشتمل عليه من تصورات وتمثلات. لقد تصدى الكثير من الفلاسفة والمفكرين والباحثين والمؤرخين الغربيين ، الذين خبروا طبيعة الفلسفة الماركسية جيدا”، وتعمقوا في مضامينها الابستمولوجية والمنهجية، فضلا”عن تمرسهم بالتعاطي مع جهازها المفاهيمي المركب،  ومن ثم امتطهم اللثام عما ينطوي عليه من عمق تاريخي وثراء دلالي. وهكذا، ضمن أحدى الأسئلة الموجهة للفيلسوف الفرنسي المعاصر (ادغار موران) عن الأصول الانثروبولوجية في فلسفة ماركس أجاب قائلا”(( عليّ أن أقول إن انثروبولوجيا ماركس هي التي أوحت ليّ بكتابة كتابي (البشرية والموت)، والتي يمكن أن نجدها في كتاباته المبكرة إبان شبابه، والتي عرفت في ذلك الوقت بعلوم (الاقتصاد السياسية والفلسفة) )).

هذا في حين تحدث الباحثان (توماس هايلاند اريكسون) و(فين سيفرت نيلسون) عن موقف ماركس إزاء التأثيرات التي أحدثتها أفكاره في حقول العلوم الاجتماعية والإنسانية قائلا” (( كان تأثيره على النظرية الاجتماعية معقدا”ومتعدد الأوجه ، وقد يجري تعقبه في العديد من التحليلات الانثروبولوجية حتى اليوم (رغم تأثيره على علم الاجتماع والتاريخ والاقتصاد كان أعظم ).

* يشتمل مفهوم (التاريخ من اسفل) على كل ما يتصل بسرديات الطبقات المضطهدة والفئات المنبوذة، وكذلك الشعوب والأمم المستعمرة التي غالباً ما يجري كبته وطمسه لأسباب تتعلق بسياسات الاقصاء والتهميش من جانب الحاكم، واما لدواعي الخشية والخوف من جانب المحكوم.

*********************************************

مئذنة مسجد احمد بن طولون ومئذنة سامراء مقاربة مفهومية وجمالية

شاكر لعيبي

أمر ببناء مسجد أحمد بن طولون أو المسجد الطولوني، أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية سنة 263هـ /877م بمدينته القطائع القاهرية، ليصبح ثالث مسجد جامع بني في عاصمة مصر الإسلامية بعد جامع عمرو بن العاص، وجامع العسكر. المسجد الطولوني يعدّ أقدم مساجد مصر القائمة حتى الآن لاحتفاظه بحالته الأصلية. وقد بُني على شكل مربع على هدي طرز المساجد العباسية وخاصة مسجد سامراء وحاول الاقتداء بشكله، وبمنارته خاصة. يبلغ ارتفاع المئذنة 40.44 متر.

استعان بن طولون في تشييد هذا المسجد بالمهندس سعيد بن كاتب الفرغانيّ، المهندس المسيحيّ الذي كان معروفاً بمهارته في فن العمارة والبناء. ومثل ذلك كان مصمّم ملوية سامراء مهندس مسيحي عراقي هو دليل بن يعقوب المسيحيّ.

بنى الخليفة المتوكل جامع سامراء قبل الجامع القاهري بقليل يسير من الوقت، بين عامي 234 - 237هـ / 848 - 851م. كان أحمد بن طولون والي الدولة العباسية على مصر، ثم استقل بمصر عن الخلافة العباسية، فكان أول من يستقل بمصر، واستطاع القضاء على الحركات المعارضة له، وتمدّد باتجاه الشام بعد تكليف الخليفة العباسي المعتمد له إخماد الثورات في الشام.

الفارق المفهوميّ:

كان أحمد بن طولون مملوكًا جيء به إلى نوح بن أسد الساماني عامل بُخارى وخُراسان، فأرسلهُ بِدوره هديَّةً إلى الخليفة المأمون، وقد أُعجب الخليفة المأمون به، فكلّفه بوظائف عدَّة نجح في إدارتها، فولّاه رئاسة الحرس، ولقَّبهُ بِأمير الستر، وظل ابن طولون عشرين سنة يشغل هذا المنصب الهام. بعبارة أخرى عاش بن طولون زهرة شبابه وتكوّن ثقافياً في بغداد. ومنها يقيناً فكّر باستلهام طراز مئذنتها، ولعله، بغياب فن الرسم أو نموذج تخطيطي للبناء السامرائي: شَرَحَ لمهندسه فكرة الملوية التي يعرفها، طالبا منه إنجاز نسخة تشابهها. نفترض هذه الفرضية لسبب قويّ هو أن مئذنة ابن طولون تقلّد مئذنة سامراء بالقليل من البراعة وتدل على عدم معرفة المهندس لها ولا رؤيته لها عيانياً.

وبغض النظر عن هذا الافتراض فإن الفارق المنطقيّ الجوهريّ بين المُهنَدِسَيْن يقع في أن للعراقي مرجعية واضحة: الزقورات = جمع زقورة بينما لم يكن للمهندس المصريّ مرجعية مماثلة. وهذا فارق مفهوميّ كبير. مهندس سامراء يحتفظ بفكرة ما عن هندسة الزقورات ومنها، على سبيل المثال، زقورة أور التي تعدّ من أقدم المعابد العراقية، تقع على نحو 40 كم غرب مدينة الناصرية (340 كلم جنوب بغداد)، التي بناها الملك السومري أور نمو مؤسس سلالة «أور» الثالثة، سنة 2100 ق.م. زقورة أور مُستطيلة الشكل، أبعادها «200×150م»، وارتفاعها “45” قدمًا (ارتفاع الزقورات في العراق يقارِب عموماً ارتفاع الملوية إلا في حالات نادرة). وقد كانت بالأساس مكوّنة من ثلاث طبقات، يرتفع فوقها معبد مُخصّص لعبادة كبير آلهة المدينة الإله سين، ويُرتقى إليها بواسطة سُلَّمين جانبيين، وثالث وسطي، ثم أصبحت فيما بعد تتكون من سبع طبقات في عهد الحكم الآشوري. وهذا أقرب حكم زمنياً قد تعرفه الذاكرة المحلية العراقية. في الزقورات، ثمة مصاطب مستوية تتدرج بالحجم صعوداً من الأكبر إلى الأصغر، وتنتهي بالطابق الأخير من الزقورات الدي يتضمن معبدًا، يُسمى غالبًا جيجونو، أو كوكونوم في عيلام، وفي حالة بابل يسمى (“معبد [أو منزل] الزقورة”). تسميته الرافدينية الأصلية هى جيجونو gigunû ولا تقدم النصوص تفاصيل دقيقة حول شكل أو وظيفة الجيجونو. وكثيرا ما توصف بأنها سامية. ويمكن ترجمة gigunû  في نهاية المطاف بــ “حرم، مزار مقدّس، معبد، قدس الأقداس”.

في حين أن استواء المصاطب يختفي في سامراء، ويحل بدلا منه شكل حلزونيّ دائريّ، من خمس طبقات، يتدرج بالحجم صعوداً من الأكبر إلى الأصغر، وصولا أيضا إلى طبقة المؤذن الأخيرة المسماة “جاون” في سامراء التي تماثل الجيجونو الرافديني .

مفهومياً، تقع فكرة الزقورة في الصعود المتدرّج نحو السماء، أو إلى أقرب نقطة منها، حسب المعتقدات الرافدينية القديمة.

وهذا المفهوم أفاد منه المهندس العراقي وقد أحاط ملويته من الخارج بسلم حلزوني بعرض 2 متر يلتف حول كتلة المئذنة بعكس اتجاه عقارب الساعة ويبلغ عدد درجاته 399 درجة. لماذا عكس اتجاه عقارب الساعة؟ يقال كأن الملوية على عناد وتحدٍّ مع الزمن، وهذا تأويل تأمليّ بعيد، فالمجموعة الشمسية كُلها تطوف ضد عقارب الساعة، وإليها ينتمي كوكب الأرض بل إن نجوم «درب التبانة» التي تحتوي على نحو 250 بليون نجم، تدور جميعا بالاتجاه نفسه، وكذلك الطواف حول الكعبة يجري عكس عقارب الساعة. نلاحظ أن سلّم المئذنة العراقية دون مَسند «Main-courante (سند السلم، درابزين).

جمالياً:

لكن الفارق المفهوميّ منحنا اختلافاً جمالياً معتَبَرا: فالملوية تقدّم بالأحرى عملاً حلزونياًspiral  صافياً، من جهة شكلية، ووظيفيا من جهة عملية: مئذنة (نوع من جيجونو رافديني) للاستخدام الاجتماعي الدينيّ. عمل حلزونيّ “متصل المستويات” بشكل عضويّ، ويوحي بالدوران والحركة والصعود، بعبارة أخرى ينطوي التصميم الهندسي نفسه على مفهوم ضمنيّ: مفهوم الدوران. وإذا ما عرفنا أن هيئة الحلزون والشكل الحلزوني يقع في فكرة الدوامّة، لأن الزوبعة أو الدوامة تتخذ شكلاً حلزونياً متحركاً، وتعبّر عن حركة دورانية حول محور وهمي مستقيم أو منحنٍ، فأن المستويات المفهومية لملوية سامراء تتعدّد وتتراكب وتتعّمق.

أما مئذنة ابن طولون فلا شيء فيها من هذه المفاهيم، وهي تصنع بالأحرى سُلّماً معتاداً، يستدير قليلا مثل سلالم البنايات كي يصل القمة، وسلّمها خلافا لملوية سامراء مجهّز بحاجز أو مَسْند Main- courante  (سند السلم، درابزين)، مما يوطّنه بالمألوف المعروف. وفي ظني لم يستطع المهندس المصري تخيّل بُنية أحرى للسلّم لا تخرج عما عهده.

أخيراً لو استعرنا مصطلحات فن التصوير، تبدو ملوية سامراء للبصر، في الفضاء، عملا ثلاثيّ الأبعاد حقاً، بينما تبدو مئذنة ابن طولون للبصر وفي الفضاء، ثنائية الأبعاد، كأنها عمل مُسطّح من دون عمق.

*********************************************

أميرة الفجر الجميل

شاكر السامر / اسطنبول

ينبع من بين شفتيك

رضابُ العسل

العسل الريان بشوق الحنين

فهل اتقيك بالخجل

ام اتقي قربك بالانتظار والعذاب

على مرأى من مصبّك في شمال الحُبّ

 ذات فجر مضمخ بنسيم برد..،

برد شواطئ احلامي اليانعات

 ببستان روحي .

ووجهك يهطلُ كالشلال

على مرمر  بارق بالذكريات

قديسةٌ نفسي

بين كل النساء العارفات

بمحطات لهفتي اليك ..

والعصرُ خيمةٌ لبوحي

المس كفيك جهراً

أمام نبعك المتدفق في سرك المدفون

والمحروق في لغة الصمت المكابرة .،

وليس سوى التأمل يلمع بارقاً

في شواطىء نبعك الفوّار

لعلك لا تدركين

معنى كيف اكون حبيباً

يتموج بين نهديك كقبلة ساخنة

وتكتبيني على سفوح صدرك الشاهق

هدهداً حاذقاً أو حرفاً عاشقاً

يتألق كل مساء

 بزيت اشراق الحنين

والشغف الأبيض كالوفاء

يرسمني على كتفيك طوقاً من جنون .

فلغيرك لا تهدأ خلجاني

ولا تمكث سفائني في المرسى طويلا

اليك أسرجُ كل القصائد

 والحروف تغمرني بلا منازع ..

تفتض بكارة الغموض

وتبوح بالمسكوت عنه

غداة يثمر في أرضنا الخراب الثقيل

لكني من بين عينيك عرفت الطريق

وسمعت صوت الحرية الانيق

يقطر من شفتيك

فأرشفهُ من أصابعك السمراء

كقهوة نادرة العطر والمذاق .

اليك أشهد إني تبرّأت من نزقي

وبرئتُ من جمرة الماضي السحيق

فانتِ المدارُ 

لأفلاك حبيباتي العالقات بأشعاري

منذ سنين أدور حيث تدور أغانيك

وارسمني في لوحة الغربة

مولهٌ بأغصانك الوارفة بين ظلالي

تسابقني اليك العصافير والعنادل والطيور

فأتعثرُ  بجراحي المخبوءة في زفير القلق

عساني الم شتاتي تارةً بالاشارةِ اليك

وتارةً بحلمٍ قلّما يجمعني

بأميرة الفجر الجميل

*******************************************************

الصفحة الثانية عشر

يوميات

  • يضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، بعد غد السبت، الكاتب والصحفي عبد المنعم الأعسم ليلقي محاضرة بعنوان "المسكوت عنه حيال الصحافة الحكومية والأهلية".

تبدأ المحاضرة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.

********************************************

هنأوها بذهبية أولمبياد باريس شيوعيو ديالى يزورون البطلة نجلة عماد

بعقوبة – طريق الشعب

زار وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في محافظة ديالى، أخيرا، البطلة العراقية الفائزة بالميدالية الذهبية في أولمبياد باريس 2024 عن لعبة تنس الطاولة، نجلة عماد، في منزلها بمدينة بعقوبة.

وقدم الوفد تهاني ووردا للبطلة نجلة، ابنة ديالى التي رفعت اسم العراق عاليا في هذا المحفل الدولي المهم، مبرهنة على قوتها كامرأة عراقية، وعلى قدرتها على تحدي إعاقتها الجسدية التي تسبب فيها حادث إرهابي خبيث.

وضم الوفد كلا من سكرتير المحلية الرفيق صالح المصرفي والرفاق عبد اللطيف اسد وهاشم خليل ومحمود شيبون ومحمد الخياط والرفيقة زينب.

وفي العام 2008، وحينما كان عمرها 4 سنوات، فقدت نجلة عماد ساقيها وإحدى ذراعيها، إثر تفجير عبوة ناسفة كانت تستهدف سيارة والدها العسكري المتقاعد. وبيد واحدة تمكنت نجلة خلال أولمبياد باريس من التغلب على منافستها الأوكرانية مارينا أولييفا بثلاثة أشواط لواحد في لعبة تنس الطاولة، ما جعلها أول امرأة عراقية تحرز ميدالية ذهبية بارالمبية منذ تأسيس البارالمبياد.

********************************************

اليوم اتحاد الأدباء يفتتح مؤتمر السرد الخامس

متابعة – طريق الشعب

يفتتح الاتحاد العام للأدباء والكتاب، هذا اليوم الخميس، مؤتمر السرد الخامس – دورة الكاتب الراحل باسم عبد الحميد حمودي.  المؤتمر الذي سيستمر حتى بعد غد السبت، سيفتتح في الساعة 6 مساء على قاعة المركز الثقافي النفطي، وسيتضمن حفل الافتتاح كلمات وفقرة موسيقية، وتقديم شهادات سردية، وبعدها جلسة نقدية بعنوان "آفاق نهضة الرواية العربية".  أما في اليوم الثاني الجمعة، فستقام فعاليات المؤتمر في مقر الاتحاد، وستنطلق في الساعة 10 صباحا. حيث ستتفتح في متحف الأدباء زاوية للكاتب الراحل باسم عبد الحميد حمودي، مع عرض فيلم عنه يحمل عنوان "الباسم باسم حمودي".  بعدها تنتقل الفعاليات إلى قاعة الجواهري، وتتضمن شهادات سردية وجلسة نقدية بعنوان "التعددية الثقافية في السرد العراقي". وفي الساعة 5 عصرا، ستحتضن القاعة نفسها طاولة نقاش عنوانها "الرسائل بوصفها سردا".

أما في اليوم الأخير السبت، فستنطلق الفعاليات ايضا في الساعة 10 صباحا على قاعة الجواهري. وستتضمن إضافة إلى الشهادات السردية، طاولة نقاش بعنوان "سرديات السيرة/ قراءة وتطبيقات"، تعقبها قراءة البيان الختامي وحفل موسيقي.  هذا وسيتخلل حفل الختام، توزيع كتابي "الحياة بوصفها سردا/ أعمال المؤتمر (الشهادات والبحوث)"، و"ضياع في جالوس" لمحمد علوان جبر.

**************************************************

البصرة احتضنته مهرجان العودة إلى المدرسة

متابعة – طريق الشعب

احتضنت "ساحة الحرية" وسط البصرة، أخيرا "مهرجان العودة إلى المدرسة"، الذي اقامه "مرسم الغدير" للفنون البصرية والتشكيلية في مناسبة بدء العام الدراسي الجديد.

المهرجان الذي شاركت فيه عشرات الأطفال، تضمن فعاليات فنية وترفيهية منوعة، تهدف إلى تحفيز الطلبة والتلاميذ على مزاولة النشاطات اللاصفية، والحد من إدمانهم على الأجهزة الرقمية بعد أن انشغل الكثيرون منهم طيلة العطلة الصيفية في تلك الأجهزة.

في حديث صحفي، قالت مريم زايد، وهي من المساهمين في المهرجان، أنه "خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في العطلة الصيفية، بدأ الأطفال ينشغلون في الأجهزة الذكية والالعاب الالكترونية، ويبتعدون عن النشاطات اللاصفية. لذلك يأتي هذا المهرجان لإعادة تحفيزهم على مزاولة تلك النشاطات".

ودعت مريم العائلات إلى حث أطفالها على تعلم الرسم وصناعة الأعمال اليدوية وتحفيز مواهبهم في مختلف المجالات المحببة لديهم، مع تخصيص وقت محدد لهم لمشاهدة التلفاز وأفلام الكرتون.

وتخللت المهرجان نشاطات لاصفية مختلفة، كالرسم والتلوين والتمثيل وإنشاد الأناشيد وغيرها.

من جانبه، قال مسؤول "مرسم الغدير" حسين النجار، ان "هذا المهرجان واحد من الأنشطة التي ننظمها دوريا، وتحديدا في نهاية العطلة الصيفية"، مشيرا في حديث صحفي إلى ان "المهرجان يهدف إلى تنشيط التلاميذ وتشجيعهم على العودة إلى المدارس، والابتعاد عن الأجهزة الرقمية، والتوجه إلى الرسم والهوايات والنشاطات اللاصفية".

جدير بالذكر ان "مرسم الغدير" اقام اكثر من 18 مهرجانا للاطفال في البصرة، بدعم ذاتي وتطوعي من اعضائه.

******************************************************

كأن الجواهري كتبها اليوم

   جللٌ مصابُك يا بيروت يُبكينا   

                                                                                                                      يا أختَ بغداد ما يُؤذيك يؤذينا

    ماذا اصابك يا بيروت دامية    

                                                                                                                               والموت يخطف أهليك وأهلينا

        عضّي على الجرح يا بغداد صابرةً   

                                                                                                                   بيروت تعرف ما فيها وما فينا

     بيروت تعرف من بالروع يفجعنا   

                                                                      علم اليقين وكأسَ الموت يسقينا

    نادي بنيك وقصّي بين أظهرهم     

                                                                      ضفائر الطهر أو حتى الشرايينا

       عضّي على الجرح يا بغداد واتعظي  

                                                                    من أحرق الأرز لن يسقي بساتينا

***********************************************

كربلاء تستذكر "شيخ المكاريد" معرض لأعمال الكاريكاتيري الراحل سلمان عبد

متابعة – طريق الشعب

استذكرت جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين – فرع كربلاء، الجمعة الماضية، فنان الكاريكاتير الراحل سلمان عبد، المعروف بلقب "شيخ المكاريد"، وذلك في معرض أقامته على قاعتها وضم مجموعة كبيرة من أعماله التي تتناول قضايا اجتماعية وسياسية.

وحضرت المعرض عائلة الفقيد، وجمع من الفنانين والأدباء والصحفيين ومحبي فن الكاريكاتير.

وتوفي الفنان سلمان عبد قبل نحو 3 شهور في كربلاء، عن عمر ناهز 79 عاما، بعد صراع مع المرض. وقد خلف أعمالا كثيرة نشرت في معظم الصحف والمجلات المحلية. فيما عرف باستلهام موضوعات أعماله من الشارع ومعاناة الشعب، وتصويرها بسخرية سوداء.

وفي حديث صحفي على هامش المعرض، قال عضو الهيئة الإدارية لفرع الجمعية عصام عبد الإله، أن هذا المعرض يأتي استذكارا ووفاء وتكريما للفنان الراحل سلمان عبد، مبينا أن الفقيد كان متمكنا من فرشاته وألوانه وأفكاره.

أما نجل الفقيد، إحسان سلمان عبد، فقد قال: "نحن نقدر هذا الوفاء لوالدنا وتاريخه الفني الحافل بالأعمال المهمة"، مضيفا أنه "في هذا الاستذكار شعرنا بمحبة الناس. وكأن والدي حاضر بيننا برسومه وفنه. حيث ترك إرثاً كبيراً وبصمة فنية، وأعماله ستبقى تتذكرها الأجيال".

من جانبه، قال الأديب جاسم عاصي، الذي حضر افتتاح المعرض: "افتقدنا سلمان عبد كثيرا. فهو فنان يمتلك مرجعية ثقافية وسياسية لم يزعزعها الزمن، ومنذ العهد الملكي وحتى رحيله ظل ملتزما بقضايا شعبه ووطنه".

وأضاف قائلا أن "الفقيد عندما يقدم عملا كاريكاتيريا، يكون مستوعبا لكل حيثياته الفنية، ناهيك عن الهدف الأساسي، وهو النقد الاجتماعي والسياسي، والثقافي".

وختم حديثه بالقول: "افتقدنا فناناً وموهبة كبيرة لا تعوض. لأن الفنانين الكاريكاتيريين العراقيين قليلون، وبالطبع لا يشبهون بعضهم بسبب الخصوصية التي يمتلكها كل فنان".

****************************************************

دراسات في المتغيرات السكانية في العراق

 

للباحث د. هاشم نعمة فياض صدر أخيرا كتاب "العراق – دراسات في المتغيرات السكانية".

يتضمن الكتاب الصادر عن دار اهوار للنشر والتوزيع في بغداد، خمس دراسات اكاديمية تعالج المتغيرات المذكورة، وتغطي 400 صفحة من القطع الكبير، هي مجموع صفحات الكتاب .

********************************************

أما بعد.. لحية برنادشو

منى سعيد

شيئا فشيئا تنقرض حدائق البيوت الأمامية والخلفية في بغداد، لتحل مكانها بيوت صغيرة بمداخل ضيقة تشبه أقنان الدجاج .

وتعلو هذه البيوت التي لا تزيد مساحاتها عن خمسين أو حتى ثلاثين مترا، لتُبنى فوقها شقق صغيرة تحتل طابقين ثاني وثالث، مشكّلة عمارات مصغرة تفتقر غالبا الى سلالم كهربائية لمساعدة سكانها من المرضى وكبار السن على الصعود، فضلا عن تعذر وصول الخدمات الأساسية الكافية اليها من ماء وكهرباء.

هنا يبدو من البطر الحديث عن الناحية الجمالية للبناء العمراني في بغداد، فأغلب من لجأ لبناء هذه العمارات مضطر لتوفير سكن لإفراد أسرته، الذين تزايدت أعدادهم بعد تزويج الأبناء ، أو لغرض الاستثمار التجاري وكسب المال.

ولعل الدافع الرئيس هنا هو ارتفاع أسعار الأراضي الى مستويات خيالية في اغلب المناطق حتى الشعبية منها، أما في المناطق "الراقية" ورغم افتقارها أيضا للخدمات اللائقة من نظافة وتأمين ساحات وفوق للسيارات وغيرها، فقد ضربت أسعارها أرقاما قياسيا لم تشهد البلاد مثلها سابقا، لتصل إلى نحو 3 آلاف دولار وأكثر للمتر الواحد.

جوهر الموضوع عبّر عنه الفيلسوف الايرلندي الشهير برنارد شو عندما سُئل عن الرأسمالية فأشار إلى لحيته الكثيفة وقال: غزارة في الإنتاج، ثم مسح بيده صلعته وقال: وسوء في التوزيع!

والعلّة ترجع بحسب توضيح المعمار المعروف موفق الطائي إلى عدم تنفيذ التصميم الأساسي للعاصمة من قبل أمانة بغداد، والذي يتطلب توفير عدد معين من هكتارات الأرض دون التجاوز عليها، مراعاة لطاقتها الاستيعابية بحسب التصميم الأساسي لبغداد، الذي وضعه معماريون عالميون، منهم المعماري الياباني "يمادا" الفلسطيني الأصل، الذي وضع التصميم الأساسي لمدينة بغداد عام 2014 وقبلها وضع تصميمي مدينتي الرياض وبيروت.

وبحسب تصنيف الأمم المتحدة، كما يضيف الطائي، ينبغي ان يتوفر لكل فرد داخل أي مدينة 9-14 مترا من الأرض المفتوحة، بينما لا تزيد المساحة منها للفرد العراقي عن 5-6 أمتار فقط ، أي بفارق ثلاثة أمتار مربعة عن حق الإنسان المنصوص عليه دوليا.

ولتبرير ذلك قيل إن ذلك النقص سيعوض بحزام أخضر يحيط بغداد. لكن حتى هذا الحزام تم التجاوز عليه بالكامل.

كذلك من المفروض بحسب تخطيط "يمادا" الا تقل مساحة أية قطعة أرض سكنية عن 200 مترمربع، ولا يجوز ان يبنى عليها أكثر من وحدة سكنية واحدة. وأن يتضمن كل بيت مساحة مفتوحة، حيث لا تتجاوز نسبة البناء 60 بالمائة من المساحة الكلية. لكن ما يحدث حاليا عكس ذلك، ما يؤدي لتراكم الوحدات السكنية داخل بغداد، بينما تتوفر مساحات مفتوحة شاسعة خارجها يُفترض استثمارها بعيدا عن التكدّس، مثلما يتكدس الشعر في لحية السيد برنادشو.